والإعادة هي الوجود الثاني للشيء ، فلا مناص من أن يتحقق الغسل أوّلاً ثمّ يحكم بوجوب إعادته أو عدمه إذا خرجت نجاسة حينئذ ، إذ لا مورد لهذا الحكم قبل تحقق الغسل ، وليس التقييد من جهة وجوب الإعادة فيما لو خرجت في الأثناء ، نعم الإعادة في باب الصلاة تستعمل كثيراً في الوجود الأوّل أيضاً ، فترى أنّه ورد : إذا تكلّم في صلاته أعادها (١) أو : لو أحدث في صلاته أعادها (٢) إلاّ أنّه في الحقيقة من الاستعمال في الوجود الثاني ، وذلك لما ذكرناه في بحث الصحيح والأعم (٣) من أنّ الصلاة اسم للتكبيرة والطهور والركوع والسجود ، فقد تكون الركعة الواحدة مصداقاً للصلاة ، فلو صلّى بعد الإتيان بالركعة الواحدة كانت إعادة للصلاة ووجوداً ثانياً لها لا محالة.
وعلى الجملة : قد تستعمل الإعادة في الوجود الأوّل إلاّ أن معناها هو الوجود الثاني للشيء ، وحيث إنّ الحكم مترتب على عدمها في الموثقة ، ولا معنى لها قبل الوجود فقد قيّد فيها بـ « بعد الغسل » إذ لا إعادة قبله ، لا أنّ النجاسة لو وقعت في أثنائه وجبت فيه الإعادة ، وعليه فلا دليل على وجوب الإعادة فيما لو خرجت في الأثناء ، ومقتضى أصالة البراءة عدم وجوب الغسل ثانياً ، كما أن مقتضى الإطلاقات أنّ الواجب هو الأغسال الثلاثة ، خرجت نجاسة في أثنائها أو بين الأوّل والثاني أو الثالث والثاني أم لم تخرج ، هذا.
وقد يستدل على وجوب الإعادة فيما لو خرجت النجاسة في الأثناء بالأخبار المستفيضة الدالّة على أن غسل الميِّت كغسل الجنابة أو أنّه غسل الجنابة (٤) فكما أن خروج النجاسة الحدثية في أثناء الغسل أي غسل الجنابة موجب للإعادة كذلك في غسل الميِّت.
__________________
(١) الوسائل ٧ : ٢٨١ / أبواب قواطع الصلاة ب ٢٥.
(٢) الوسائل ٧ : ٢٣٣ / أبواب قواطع الصلاة ب ١.
(٣) راجع محاضرات في أُصول الفقه ١ : ١٦٣.
(٤) الوسائل ٢ : ٤٨٦ / أبواب غسل الميِّت ب ٣.