ويندفع الأوّل : بأنّ الإطلاق المذكور مسبوق بأمثلة ذكرت في صدر الصحيحة كلّها من قبيل الشك في الشيء بعد الدخول في جزء واجب مستقل كالشك في التكبيرة بعد الدخول في القراءة ، وفيها بعد الدخول في الركوع ، وفيه بعد الدخول في السجود ، ومن الجائز أن يراد من الضابط المذكور في الذيل ما يكون من سنخ هذه الأمثلة فلا ينعقد الإطلاق لما يشمل الدخول في المقدمات من جهة احتفاف الكلام بما يصلح للقرينيّة (١) الموجب للإجمال ، لو لم نقل بالظهور في الخلاف من أجل تلك القرينة كما لا يخفى.
هذا ، مع أنّه يمكن استفادة عدم كفاية الدخول في المقدّمات من جملة من النصوص ، حيث قيّد فيها عدم الاعتناء بالشك في الركوع فيما إذا كان ذلك بعد الدخول في السجود ، الظاهر في لزوم الاعتناء قبله ، ولو كان في حال الهوي.
والتقييد المزبور وإن كان واقعاً في كلام السائل في جملة منها ، كصحيحة حماد ابن عثمان قال : « قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : أشك وأنا ساجد فلا أدري ركعت أم لا ، قال : امض » ، ونحوها صحيحته الأُخرى ، وصحيحة ابن مسلم (٢) وغيرها فلا يمكن الاستدلال بها ، اللهمّ إلاّ من حيث إشعارها في مفروغية الحكم أعني لزوم الاعتناء بالشك لو كان قبل الدخول في السجود ولو في حال الهوي لدى الرواة والسائلين ، ومن هنا قيّدوه بالدخول في السجود ، وقد أقرّهم الإمام عليهالسلام على ما هو المغروس في أذهانهم.
إلاّ أنّ بعض تلك النصوص قد تضمّن التصريح بالتقييد في كلام الإمام عليهالسلام نفسه ، كصحيحة إسماعيل بن جابر قال : « قال أبو جعفر عليهالسلام : إن شكّ في الركوع بعد ما سجد فليمض ، وإن شكّ في السجود بعد ما
__________________
(١) مضافاً إلى وجه آخر تعرّض ( دام ظله ) له في مباحث الخلل في شرح المسألة [٢٠٣٠].
(٢) الوسائل ٦ : ٣١٧ / أبواب الركوع ب ١٣ ح ١ ، ٢ ، ٥.