ولعلّ الذي أوقعه في الاشتباه هو أنّ صاحب الوسائل روى قبل المرسلة بلا فصل رواية أُخرى عن بزيع ، فاشتبه وألحق متن إحداهما بسند الأُخرى.
وكيف ما كان ، فالرواية من جهة الإرسال غير صالحة للاستدلال ، ولا نقول بالانجبار ، وإسناد الصدوق لها إلى الصادق عليهالسلام بضرس قاطع لا يقتضي أزيد من اعتقاده بذلك لا متابعتنا له في ذلك.
والأولى : أن يستدل له بوجه آخر ، وهو أنّا قد علمنا من صحيحة زرارة الواردة في باب المستحاضة (١) المعتضدة بما في موثقة عمّار المتقدمة (٢) من قوله عليهالسلام « ... فكيف ما قدر فإنّه له جائز » أنّ الصلاة لا تسقط بحال ، وأنّه يأتي مهما أمكن بما قدر منها وتيسّر ، هذا من ناحية.
ومن ناحية أُخرى ، قد علمنا من حديث التثليث (٣) وغيره من النصوص أنّ الركوع والسجود من مقوّمات الصلاة الدخيلة في صدق اسمها وتحقيق ماهيتها ، كما وعلمنا أيضاً أنّ الشارع قد جعل لدى العجز عنهما بدلاً يعدّ مرتبة نازلة عنهما وهو الإيماء بالرأس.
إذن يستنتج من هاتين المقدمتين أنّ الشارع الأقدس لا بدّ وأن يجعل بدلاً آخر لدى العجز عن هذا البدل ، حذراً عن الإخلال بماهية ما لا يسقط بحال وحيث لا يحتمل أن يكون ذاك البدل شيئاً آخر غير غمض العينين من الإيماء باليد أو الرجل مثلاً سيّما وأنّ الإيماء بالعينين أقرب إلى الإيماء بالرأس من غيره ، مضافاً إلى تسالم الأصحاب عليه فلا جرم كان هو المتعيّن ، فليتأمّل.
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٣٧٣ / أبواب الاستحاضة ب ١ ح ٥.
(٢) في ص ٢١٤.
(٣) الوسائل ٦ : ٣١٠ / أبواب الركوع ب ٩ ح ١.