المفطرات ، بل من شرائط وجوب الصوم فيعتبر عدمه في وجوبه ، وهما من الضدين اللذين لهما ثالث ، إذ يمكن أن لا يسافر ولا يصوم ، هذا.
والتحقيق : أنّ مورد التنظير حكمه حكم المقام بعينه فيجري فيه الترتب أيضاً ، لكونه من الضدّين اللّذين لهما ثالث كما فيما نحن فيه ، وتوضيحه : أنّ النقيضين أو الضدين اللذين لا ثالث لهما كالحركة والسكون إذا لوحظا بنحو الطبيعة المطلقة لم تكن بينهما واسطة ، وأمّا إذا قيّد أحدهما بقيد تثبت الواسطة لا محالة ، وكانا مما لهما ثالث ، وهو الفاقد لذلك القيد ، كما إذا قال : تحرّك وإلاّ فأسكن في المكان الكذائي ، فإنّه يمكن عدمهما بالسكون في المكان الآخر.
والمقام من هذا القبيل ، لأنّ ترك القيء مثلاً لوحظ مقيداً بقصد التقرّب ، لأنّ الصوم عبادي ، فالتروك المعتبرة فيه تعبدية ، فيؤمر أوّلاً بالقيء وعلى تقدير العصيان يؤمر بتركه لله ، والواسطة بينهما هو تركه لا لله ، فيكونان من الضدّين اللذين لهما ثالث فيجري فيها الترتب.
وبالجملة : أحد النقيضين تعبدي والآخر توصلي ، ومثلهما ممّا له ثالث ، كما يمكن ذلك في التوصليين إذا لوحظ أحدهما مقيداً بقيد كالمثال المتقدم ، وإنّما يكونان مما لا ثالث له إذا لوحظا مطلقين كما عرفت ، فالصحيح صحة الصوم في مورد التنظير لجريان الترتب فيه كالمقام.
الوجه الثاني : أنّ قراءة السورة معرض للوقوع في أحد المحذورين فتحرم لأنّه إن سجد للتلاوة فيلزمه إبطال الصلاة لمكان الإتيان بالزيادة العمدية المبطلة وهو حرام ، وإن لم يسجد يلزمه ترك السجود الذي هو واجب فوري فهذه السورة محرّمة لأدائها إلى أحد المحذورين ، والممتنع بالاختيار لا ينافي الاختيار عقاباً ، والمبغوض لا يصلح لأن يتقرّب به ، وحرمة العبادة تقتضي الفساد.