صريحة في الجواز ، فكذلك هما صريحتان في الوجوب كما عرفت.
وأمّا ما ذكره قدسسره من أنّها أقوى سنداً فلم يتضح وجهه أيضاً ، وقد اعتذر عنه في الحدائق بأنّه لم يلاحظ إلاّ طريق الشيخ وهو كما ذكره ، ولم يقف على طريق الصدوق الذي هو في أعلى مراتب الصحة (١).
وفيه : أنّ طريق الشيخ إلى حريز أيضاً صحيح كطريق الصدوق ، فالإنصاف أنّهما متكافئتان سنداً ودلالة ، فالأقوائية ممنوعة مطلقاً ، فهذا الجمع ساقط.
فلا بدّ من ملاحظة الترجيح بعد استقرار المعارضة وامتناع الجمع الدلالي وحيث إنّ صحيحة علي بن جعفر موافقة للعامة ، لأنّهم لا يرون وجوب الجهر أبداً (٢) ، فلا مناص من حملها على التقية كما صنعه الشيخ (٣) فتطرح ويكون الترجيح مع تينك الصحيحتين المخالفتين للعامّة ، فيتعيّن العمل بهما كما عليه المشهور.
وأمّا ما ذكره في المدارك من ترجيح صحيحة علي بن جعفر لموافقتها مع الأصل والكتاب فلم يظهر وجهه. أمّا الأصل فهو وإن كان يقتضي الجواز لكنه لا أثر له بعد قيام الدليل على الوجوب ، وهما الصحيحتان بل الصحاح الثلاث باعتبار رواية إحداهما بطريقين كما عرفت. على أنّ موافقة الأصل ليست من المرجحات ، فإنّ الأصل مرجع لا مرجّح كما ذكر في محله.
وأمّا الكتاب فليس فيه ما يرتبط بالمقام عدا قوله تعالى ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً ) (٤) وإذ من الضروري عدم خلوّ القراءة
__________________
(١) الحدائق ٨ : ١٣١.
(٢) المجموع ٣ : ٣٨٩ ، مغني المحتاج ١ : ١٦٢.
(٣) التهذيب ٢ : ١٦٢.
(٤) الإسراء ١٧ : ١١٠.