المطلوب الأرقى لزم التحفّظ على المطلوب الأدنى ، فيجب التعويض محافظة على أدنى المطلوبين بعد تعذر الآخر.
وفيه : مضافاً إلى ضعف السند كما لا يخفى ، قصور الدلالة ، بداهة أنّ المراد من قراءة القرآن الذي هو المطلوب الأدنى الطبيعي الصادق على المقدار الميسور من الفاتحة ، فالمصلحة القائمة بقراءة القرآن من عدم كونه مهجوراً حاصلة ، والقائمة بالفاتحة ساقطة بالعجز ، والتبديل عن المقدار الفائت يحتاج إلى الدليل ، والأصل البراءة.
فتحصّل من جميع ما مرّ : أنّ ما ذكره بعضهم من عدم وجوب التعويض هو الأظهر ، وإن كان مراعاته أحوط.
ثم على تقدير الوجوب ، فهل يتعيّن أن يكون العوض من سائر القرآن غير الفاتحة ، إذ لا أثر للتكرار ، فإنّ الشيء الواحد لا يكون أصلاً وبدلاً فلا يجمع بينهما ، أو يتعيّن أن يكون منها ، فيكرّر ما يعلمه حتى يستكمل مقدار الفاتحة لكونه أقرب إلى المتعذر من غيره ، لاشتراكهما في كونهما من أجزاء الفاتحة؟
قيل بكلّ منهما ، وكلاهما ليس بشيء ، إذ مستندهما وجه اعتباري لا يصلح لأن يكون مدركاً لحكم شرعي ، وأيّ مانع من أن يكون الشيء الواحد باعتبار وجوده الأول أصلاً وبلحاظ الوجود الثاني بدلاً ، والأقربية المزبورة لم يقم دليل على وجوب مراعاتها. فالتعيين لا دليل عليه ، ولعلّه برعاية هذين الوجهين جمع الماتن بينهما وجعل ذلك أحوط.
نعم ، لا يبعد أن يكون الجمع واجباً لو كان المستند في أصل وجوب التعويض قاعدة الاشتغال ، فانّ هذا الاستدلال كما يقتضي أصل التعويض يقتضي وجوب الجمع في المقام بملاك واحد ، إذ لا يحصل الجزم بالفراغ إلاّ بذلك ، لاحتمال وجوب كل منهما كما مرّ. كما أنّ الحال كذلك لو كان المستند قوله ( عليهالسلام )