أيضاً ، لا بعنوانها الأوّلي ، بل لمكان اشتمالها على التحميد والدعاء ، فتكون أيضاً فرداً من أفراد التسبيح ، فهي والتسبيحات المقررة على حد سواء ، والمكلف مخير عقلاً بين الأمرين ، لأنّ المأمور به هو جامع التسبيح وطبيعيه ، وبما أنّ القراءة من أفراده بمقتضى هذه الصحيحة ، فيكون التخيير بينهما عقلياً ، فهذه الصحيحة حاكمة على جميع أخبار الباب ومثبتة للتساوي بين الأمرين من غير ترجيح في البين ، وقد عرفت (١) أنّ الأمر بالقراءة للإمام في صحيحتي معاوية ومنصور معارض بالأمر بالتسبيح في صحيحة سالم أبي خديجة ، وبعد التساقط يرجع إلى إطلاق هذه الصحيحة المثبتة للتخيير على الإطلاق من غير فرق بين الإمام والمأموم والمنفرد ، إلاّ قسماً خاصاً من المأموم كما تقدم ، لورود النص الخاص فيه السليم عن المعارض.
ويدلُّ على ما ذكرناه من التخيير مطلقاً : مضافاً إلى صحيحة عبيد ، موثقة علي بن حنظلة (٢) بل هي أصرح منها ، لتضمنها الحلف على التساوي بين القراءة والتسبيح ، ونحن وإن ناقشنا فيما سبق (٣) في سند هذه الرواية ، بل حكمنا بضعفها من جهة عدم ثبوت وثاقة علي بن حنظلة ، ولا أخيه عمر في كتب الرجال ، وإن تلقّى الأصحاب روايات الثاني بالقبول وأسموها مقبولة عمر بن حنظلة.
لكن الظاهر وثاقة الرجل علي بن حنظلة فإن ما تقدم من التضعيف كان مبنياً على الغفلة عمّا ورد في شأنه من رواية صحيحة تدل على وثاقته بل ما فوقها ، وهي ما رواه في بصائر الدرجات (٤) بسند صحيح عن عبد الأعلى بن
__________________
(١) في ص ٤٧٥.
(٢) الوسائل ٦ : ١٠٨ / أبواب القراءة في الصلاة ب ٤٢ ح ٣.
(٣) في ص ٤٥١ ، ٤٦٩.
(٤) بصائر الدرجات : ٣٤٨ / ٢ ، وقد أشار ( دام ظله ) إلى ذلك في المعجم ١٢ : ٤٢٩ / ٨١١٥.