انطباق المأمور به عندئذ على الفرد المأتي به في الخارج ولا نعني بالصحة إلاّ ذلك. وعليه فنحكم بصحة الصلاة في مورد الاجتماع ظاهراً لانطباق الطبيعة المأمور بها عليها في الظاهر بعد رفع تقييدها بغير هذا المكان بأصالة البراءة ، لفرض أنّها بعد رفع ذلك التقييد صارت مصداقاً لها في حكم الشارع ، وهذا المقدار كافٍ للحكم بالصحة ، وتمام الكلام في محلّه.
وأمّا النقطة الرابعة : وهي أنّ المؤثر في المبغوضية لو كان هو المفسدة الواقعية الغالبة فلا مجال للبراءة ، فيردّها : عدم العلم بوجود مفسدة في هذا الحال فضلاً عن كونها غالبة على المصلحة للشك في أصل وجودها وأنّ المجمع في هذا الحال مشتمل على مفسدة أم لا ، والوجه في ذلك ما ذكرناه (١) من أنّ مسألة الاجتماع على القول بالامتناع داخلة في كبرى باب التعارض لا باب التزاحم ، لفرض أنّه لا علم لنا بوجود مفسدة في المجمع ، فانّ الطريق إلى إحراز اشتماله على المفسدة إنّما هو حرمته ، والمفروض أنّها مشكوك فيها وهي مرفوعة بأصالة البراءة ، ومع ارتفاعها كيف يمكن لنا العلم بوجود مفسدة فيه.
ولو تنزّلنا عن ذلك وسلّمنا أنّ المجمع مشتمل على كلا الملاكين كما هو مختاره قدسسره في باب الاجتماع ، إلاّ أنّ كون المفسدة غالبة على المصلحة غير معلومة ، ومع عدم العلم بالغلبة كانت الحرمة والمبغوضية مجهولة لا محالة فلا مانع من الرجوع إلى البراءة.
وقد تحصّل من مجموع ما ذكرناه : أنّه لا مانع من الحكم بصحة الصلاة أو نحوها في مورد الاجتماع ظاهراً على القول بالامتناع فيما إذا فرض أنّه لم يكن ترجيح لأحد الجانبين على الآخر.
__________________
(١) في المجلد الثالث من هذا الكتاب ص ٣٧٣.