وملخص ما أفاده : هو أنّ متعلق النهي في هذا القسم بما أنّه مغاير لمتعلق الأمر فلا يكون منافياً له ، فانّه في طول الأمر ويكون كموارد الاجارة المتعلقة بالعبادات المستحبة ، فكما أنّ فيها متعلق الأمر الناشئ من قبل الاجارة غير متعلق الأمر الاستحبابي ، فكذلك في المقام ، فانّ متعلق النهي غير متعلق الأمر كما مرّ ، وليس المقام من قبيل النذر المتعلق بها ، لما عرفت من أنّ الأمر الناشئ من قبل النذر متعلق بعين ما تعلق به الأمر الاستحبابي.
ثمّ إنّ نظرية شيخنا الاستاذ قدسسره تمتاز عن نظرية المحقق صاحب الكفاية قدسسره في نقطة واحدة ، وهي أنّ نظرية شيخنا الاستاذ ترتكز على كون النهي في المقام في طول الأمر ، فانّه متعلق بايقاع العبادة بداعي أمرها الاستحبابي أو الوجوبي المتعلق بذاتها ، فلا يكون متعلقه متحداً مع متعلقه ليلزم اجتماع الضدّين في شيء واحد ، كما أنّه غير ناشئ عن وجود مفسدة في الفعل أو عن وجود مصلحة في تركه ، بل الفعل باقٍ على هو ما عليه من المحبوبية والمصلحة ، بل هو ناشئ عن مفسدة في التعبد بهذه العبادة ، لما فيه من المشابهة والموافقة لأعداء الدين. ويترتب على هذا أنّ النهي على وجهة نظره قدسسره نهي مولوي حقيقي ناشٍ عن مفسدة في التعبد بها.
ونظرية المحقق صاحب الكفاية قدسسره ترتكز على كون الترك كالفعل مشتملاً على مصلحة أقوى من مصلحة الفعل ، إمّا لأجل انطباق عنوان راجح عليه ، أو لأجل ملازمته معه وجوداً وخارجاً ، فيكونان من قبيل المستحبين المتزاحمين.
ولنأخذ بالمناقشة على نظرية شيخنا الاستاذ قدسسره فانّ ما أفاده من الكبرى الكلية ، وهي عدم جريان التزاحم في الموارد المتقدِّمة وإن كان صحيحاً ، ضرورة أنّ تلك الموارد من موارد المعارضة بين الدليلين في مقام