تعلق الأمر بعنوان والنهي بعنوان آخر مباين له ، ولكن اتفق اجتماعهما في مورد واحد ، والمفروض في المقام أنّ الأمر تعلق بعين ما تعلق به النهي وهو إكرام العالم الفاسق ، غاية الأمر جهة تعلق الأمر به شيء وهو علمه ، وجهة تعلق النهي به شيء آخر وهو فسقه ، ومن المعلوم أنّ تعدد الجهة التعليلية لا يوجب تعدد المتعلق ، فالمتعلق في المقام واحد وجوداً وماهيةً وهو الاكرام ، والموضوع له أيضاً كذلك وهو زيد العالم الفاسق مثلاً ، والتعدد إنّما هو في الصفة ، فانّ لزيد صفتين : إحداهما العلم وهو يقتضي وجوب إكرامه ، والاخرى الفسق وهو يقتضي حرمة إكرامه ، ومن البديهي أن لا يعقل أن يكون إكرام زيد العالم الفاسق واجباً ومحرّماً معاً ، لأنّ نفس هذا التكليف محال ، لا أنّه مجرد تكليف بالمحال وبغير المقدور ، والمفروض أنّ صفتي العلم والفسق ليستا متعلقتين للتكليف ، بل هما جهتان تعليليتان خارجتان عن متعلق التكليف وموضوعه.
فالنتيجة : أنّ مثل هذه الموارد خارج عن محل الكلام في المسألة ، والقائل بالجواز فيها لا يقول بالجواز فيه ، بل تخيل دخول هذه الموارد في محل النزاع من مثله قدسسره من الغرائب جداً.
نتائج ما ذكرناه عدة نقاط :
الاولى : أنّ المناط في الاستحالة والامكان في الأحكام التكليفية إنّما هو بوحدة زمان المتعلق وتعدده ، ولا عبرة بوحدة زمان الحكمين وتعدده أصلاً ، فالفعل الواحد في زمان واحد لا يمكن أن يكون واجباً ومحرّماً معاً ولو كان تعلق الوجوب به في زمان وتعلق الحرمة به في زمان آخر ، ومن هنا قلنا باستحالة القول بكون الخروج واجباً فعلاً ومنهياً عنه بالنهي السابق الساقط بالاضطرار أو نحوه.