ذلك ، هذا من ناحية. ومن ناحية اخرى أنّ هذا النهي نهي تنزيهي وليس بتحريمي.
وعلى ضوء ذلك يتبيّن أنّ هذا النهي لايوجب تقييد إطلاق الطبيعة المأمور بها بغير هذه الحصة المنهي عنها ، بيان ذلك :
أنّ النهي المتعلق بحصة خاصة من العبادة على ثلاثة أقسام :
الأوّل : أن يكون إرشاداً إلى اقتران هذه الحصة بالمانع ، بمعنى أنّ الخصوصية الموجبة لكونها حصة مانعة عنها ، وذلك كالنهي عن الصلاة فيما لا يؤكل وفي النجس وفي الميتة وما شاكل ذلك ، فانّ هذه النواهي جميعاً إرشاد إلى مانعية هذه الامور عن الصلاة وتقيدها بعدمها ، وقد ذكرنا غير مرّة أنّ أمثال هذه النواهي الواردة في أبواب العبادات والمعاملات ظاهرة في الارشاد إلى المانعية بمقتضى الفهم العرفي ، كما تقدّم الكلام فيها من هذه الناحية بصورة واضحة في أوّل بحث النواهي (١) كما أنّه لا شبهة في ظهور الأوامر الواردة في أبواب العبادات والمعاملات في الارشاد إلى الجزئية أو الشرطية ، وقد ذكرنا سابقاً أنّ هذه النواهي كثيرة في كلا البابين ، كما أنّ هذه الأوامر كذلك.
وعلى الجملة : فالأمر والنهي وإن كانا في أنفسهما ظاهرين في المولوية فلا يمكن حملهما على الارشاد بلا قرينة ، إلاّ أنّ هذا الظهور ينقلب في هذه النواهي والأوامر الواردتين في أبواب العبادات والمعاملات ، فهما ظاهران فيها في الارشاد دون المولوية بمقتضى المتفاهم العرفي ، كما هو واضح.
وعلى ضوء هذا البيان قد تبيّن أنّ هذه النواهي لا محالة تكون مقيّدة
__________________
(١) راجع المجلد الثالث من هذا الكتاب ص ٣٠٧.