الثانية وجوب القصر في هذا الفرض.
وقد تحصّل من ذلك : أنّ المعارضة في مورد الكلام إنّما هي بين مفهوم كل من القضيتين ومنطوق الاخرى الدال على ثبوت الجزاء عند تحقق شرطه ، فاذن لا بدّ لنا من علاج هذه المعارضة وقد ذكروا في مقام علاجها وجوهاً :
الأوّل : ما تقدم من المحقق صاحب الكفاية قدسسره (١) وهو رفع اليد عن مفهوم إحداهما دون الاخرى.
وفيه : ما عرفت من أنّه لا تعارض بين المفهومين حتى يعالج بذلك ، ومن هنا قلنا إنّ هذا سهو من قلمه قدسسره.
الثاني : ما تقدم من شيخنا الاستاذ قدسسره وهو رفع اليد عن كلا الاطلاقين معاً والرجوع إلى الأصل العملي.
أقول : إنّ ما أفاده قدسسره وإن أمكن علاج المعارضة به ، إلاّ أنّ الأخذ به بلا موجب بعد إمكان الجمع العرفي بين الدليلين ، والسبب في ذلك هو أنّه إذا أمكن في موردٍ علاج المعارضة بين الدليلين على ضوء الجمع العرفي وما هو المرتكز عندهم لم تصل النوبة إلى علاجها بطريق آخر خارج عنه ليس معهوداً ومرتكزاً بينهم ، وبما أنّ ما أفاده من الجمع هنا خارج عن المتفاهم العرفي فلا يمكن المساعدة عليه ، ولتوضيح ذلك نضرب مثالاً وهو ما إذا ورد الأمر باكرام العلماء الظاهر في وجوب إكرامهم ، ثمّ ورد في دليل آخر أنّه لا يجب إكرام زيد العالم ، فانّ التنافي بينهما وإن كان يرتفع بحمل الأمر في الدليل العام على الاستحباب إلاّ أنّه بلا مقتض ، حيث إنّ العرف لا يساعد على ذلك ، فانّ الموجب للتنافي في المقام ليس إلاّظهور الدليل الأوّل في العموم ، ومن
__________________
(١) في ص ٢٤٢.