نعم ، إذا افترضنا قضيتين شرطيتين في مورد كانتا واردتين لبيان الحكم الابتدائي تمّ ما أفاده قدسسره ، وذلك كما إذا ورد في دليل : إذا خفي الأذان فتصدق ، وورد في دليل آخر : إذا خفي الجدران فتصدق ، وبما أنّه لا يمكن الجمع بين الاطلاقين معاً للعلم الاجمالي بمخالفة أحدهما للواقع فيسقطان ، فالمرجع عندئذ بطبيعة الحال هو الأصل العملي ، وهو أصالة البراءة عن وجوب التصدق عند خفاء أحدهما دون الآخر ، لا في مثل المقام حيث إنّهما واردتان لبيان تقييد الحكم الثابت بالعموم والاطلاق ، فحينئذ لا محالة يكون المرجع في مورد الشك في التقييد والتخصيص هو ذاك العموم والاطلاق كما عرفت.
وأمّا بحسب الكبرى : فالصحيح أنّ القاعدة تقتضي تقييد الاطلاق المقابل للعطف بأو دون العطف بالواو كما اختاره شيخنا الاستاذ قدسسره والسبب في ذلك : هو أنّه لا منافاة بين منطوقي القضيتين الشرطيتين المتقدمتين ، ضرورة أنّ وجوب القصر عند خفاء الأذان لا ينافي وجوبه عند خفاء الجدران أيضاً ، لفرض أنّ ثبوت حكم لشيء لا يدل على نفيه عن غيره ، وكذا لا منافاة بين مفهوميهما ، لوضوح أنّ عدم وجوب القصر عند عدم خفاء الأذان لا ينافي عدم وجوبه عند عدم خفاء الجدران ، إذ عدم ثبوت حكم عند عدم شيء لا يقتضي ثبوته عند عدم شيء آخر ليكون بينهما تناف.
فالنتيجة : أنّ المنافاة إنّما هي بين إطلاق مفهوم إحداهما ومنطوق الاخرى مع قطع النظر عن دلالتها على المفهوم ، ولذا لو كان الوارد في الدليلين : إذا خفي الأذان فقصّر ، ويجب تقصير الصلاة عند خفاء الجدران ، كان بين ظهور القضية الاولى في المفهوم وظهور القضية الثانية في ثبوت وجوب التقصير عند خفاء الجدران تعارض لا محالة ، فانّ مقتضى إطلاق مفهوم الاولى عدم وجوب القصر عند عدم خفاء الأذان وإن فرض خفاء الجدران ، ومقتضى القضية