وقد قبل هذا التفصيل في الجملة شيخنا الاستاذ قدسسره حيث قال : وهذا التفصيل وإن كان حسناً في الجملة لأنّ كلمة « حتى » تستعمل غالباً في إدخال الفرد الخفي في موضوع الحكم فتكون الغاية حينئذ داخلةً في المغيّى لا محالة ، لكن هذا ليس بنحو الكلية والعموم فلا بدّ من ملاحظة كل مورد بخصوصه ، والحكم فيه بدخول الغاية في حكم المغيّى أو عدمه (١).
ولكنّ الصحيح هو القول الثاني ، يعني عدم دخول الغاية في المغيّى مطلقاً ، فلنا دعويان ، الاولى : صحة هذا القول. الثانية : بطلان سائر الأقوال.
أمّا الدعوى الاولى : فلأنّ المرجع في المقام إنّما هو فهم العرف وارتكازهم ، والظاهر أنّ المتفاهم العرفي من القضية المغيّاة بغاية كقولنا : صم إلى الليل وكقوله تعالى : ( فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ ) (٢) وما شاكلهما هو عدم دخول الغاية في المغيّى إلاّفيما قامت قرينة على الدخول كما في مثل قولنا : سرت من البصرة إلى الكوفة أو ما شاكل ذلك.
وأمّا الدعوى الثانية : فيظهر مما ذكرناه في الدعوى الاولى بطلان القول الأوّل والثالث ، حيث إنّه لا فرق في فهم العرف كما عرفت بين كون الغاية من جنس المغيّى وعدمه ، وكذا القول الرابع بعين هذا الملاك ، وأمّا ما ذكره شيخنا الاستاذ قدسسره من الفرق في الجملة بين كون الغاية مدخولةً لكلمة « إلى » وكونها مدخولةً لكلمة « حتى » نشأ من الخلط بين مورد استعمال كلمة « حتى » عاطفةً ، وموارد استعمالها لافادة كون مدخولها غايةً لما قبلها ، فانّها في أيّ مورد من الموارد إذا استعملت لادراج الفرد الخفي كما في مثل قولنا : مات
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٢٧٩.
(٢) المائدة ٥ : ٦.