وثانياً : بالحل ، بيان ذلك : أنّ الحياة مرّةً تضاف إلى الدنيا واخرى تكون الدنيا صفةً لها.
أمّا على الأوّل فالمراد منها حياة هذه الدنيا في مقابل حياة الآخرة كما هو المراد في قوله تعالى : ( ما هِيَ إِلاَّ حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا )(١) وقوله تعالى :
( إِنْ هِيَ إِلاَّ حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ )(٢) فيكون المراد من الحياة فيهما هو حياة هذه الدنيا في قبال الآخرة ، كما أنّ المراد من الحيوان في قوله تعالى : ( وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ )(٣) هو الحياة الاخروية.
وأمّا على الثاني وهو أن تكون الدنيا صفةً للحياة فالمراد منها الحياة الدانية في مقابل الحياة العالية الراقية ، وهي بهذا المعنى تارةً تطلق ويراد منها الحياة في مقابل الحياة الاخروية ، نظراً إلى أنّ الحياة الدنيوية وإن كانت حياة الأنبياء والأوصياء فهي دانية بالاضافة إلى الحياة الاخروية ، حيث إنّها حياة راقية دائمية أبدية ومملوءة بالطمأنينة والراحة. وأمّا هذه الحياة فهي موقتة وزائلة ومقدّمة لتلك الحياة الأبدية ومملوءة بالتعب وعدم الراحة فكيف يقاس هذه بتلك ، وعليه فبطبيعة الحال تكون الحياة في هذه الدنيا ولو كانت حياة عالية وراقية كحياة الأنبياء والصالحين التي هي مملوءة بالعبودية والاطاعة لله سبحانه إلاّ أنّها مع ذلك تكون في جنب الحياة الاخروية دانية.
وتارة اخرى تطلق ويراد منها الحياة الدانية في هذه الدنيا ، في مقابل الحياة
__________________
(١) الجاثية ٤٥ : ٢٤.
(٢) المؤمنون ٢٣ : ٣٧.
(٣) العنكبوت ٢٩ : ٦٤.