وهذا بخلاف ما إذا كان المجاز متعدداً في غير المقام كالمثال المزبور ، فانّه لا يمكن تعيين بعض منه بلا قرينة معيّنة. مثلاً إذا قامت القرينة الصارفة على أنّ المراد من الأسد ليس هو الحيوان المفترس ، ودار أمره بين أن يكون المراد منه الرجل الشجاع أو صورته على الجدار مثلاً أو غيرهما من المعاني المجازية له ، فبطبيعة الحال يحتاج تعيين كل واحد منها إلى قرينة معيّنة ، وبدونها فاللفظ مجمل فلا يدل على شيء منها ، وقد قرّب شيخنا الاستاذ قدسسره (١) هذا الوجه بهذا التقريب وقال : إنّه على تقدير تسليم كون التخصيص مستلزماً للمجاز فلا إجمال في العام أيضاً ، وأنّ المرجع في غير أفراد المخصص هو عموم العام.
ولكن لا يمكن المساعدة عليه ، وذلك لما ذكره في الكفاية (٢) من أنّ الدلالة لا بدّ لها من مقتضٍ وهو إمّا الوضع أو القرينة ولا ثالث لهما ، أمّا الأوّل فهو مفقود على الفرض ، حيث إنّ العام لم يوضع للدلالة على سراية الحكم إلى تمام الباقي ، وإنّما وضع للدلالة على سراية الحكم إلى تمام أفراد مدخوله. وأمّا القرينة فكذلك ، فانّ القرينة إنّما قامت على أنّ العام لم يستعمل في معناه الموضوع له ، ولا قرينة اخرى تدل على أنّه استعمل في تمام الباقي ، فما ذكره قدسسره من أنّ دلالة العام على ثبوت الحكم لفرد غير منوطة بدلالته على ثبوته لغيره من الأفراد وإن كان متيناً جداً ، إلاّ أنّ ذلك يحتاج إلى مقتضٍ وهو وضع العام للدلالة على العموم ، فاذا افترضنا أنّ دلالته على العموم قد سقطت من ناحية التخصيص فلا مقتضي لدلالته على إرادة تمام الباقي ، لفرض أنّ دلالته عليها إنّما
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٣٠٣.
(٢) كفاية الاصول : ٢٢٠.