هي من جهة دلالته على العموم لا مطلقاً.
وعلى الجملة : فالمقتضي ـ وهو دلالته على العموم ـ قد سقط على الفرض ، ولا ظهور له بعد ذلك في إرادة تمام الباقي فانّه يرتكز على أحد أمرين : الوضع أو القرينة المعيّنة ، وكلاهما مفقود كما عرفت. فاذن ما هو المقتضي لظهوره فيها ، فما في كلامه قدسسره من أنّ المقتضي لدخول الباقي موجود والخروج يحتاج إلى دليل لا يرجع بالتأمل والتحليل إلى معنىً صحيح على ضوء نظرية أنّ التخصيص يستلزم المجاز ، فانّ المقتضي ـ وهو عموم العام ـ قد سقط بالتخصيص ، فاذن ما هو المقتضي لدخوله ، إذ من المحتمل أنّه قد استعمل بعد التخصيص في بعض مراتب الباقي لا في تمامه ، فالتعيين يحتاج إلى قرينة.
نعم ، لو كانت دلالة العام على العموم عقلية أو كانت ذاتية لتم ما أفاده قدسسره كما هو واضح. ولكنّه مجرد افتراض لا واقع موضوعي له. فالنتيجة أنّه لا دافع للاشكال المزبور إلاّعلى ضوء ما ذكرناه من أنّ التخصيص ولو كان بالمنفصل لا يوجب المجاز ، حيث إنّ العام بعد التخصيص أيضاً استعمل في معناه الموضوع له ، وعليه فما أفاده شيخنا الاستاذ قدسسره تبعاً لشيخنا العلاّمة الأنصاري قدسسره من أنّ المقتضي بالاضافة إلى الباقي موجود والمانع مفقود تام ولا مناص عنه ، فانّ المقتضي ـ وهو ظهور العام في العموم المستند إلى الوضع ـ موجود ، والمخصص المنفصل إنّما يكون مزاحماً لحجيته في مقدار سعة مدلوله دون أصل ظهوره. فاذن لا مانع من التمسك به بالاضافة إلى الباقي كلّه ، كما أنّ ما أفاده قدسسره من أنّ دلالة العام على سراية الحكم إلى جميع أفراد مدخوله تنحل إلى دلالات متعددة بعدد أفراده ، وهذه الدلالات دلالات عرضية لا يتوقف بعضها على بعضها الآخر ، فاذا سقطت إحداها عن الحجية لم تسقط غيرها ، إنّما يتم على ضوء ما عرفت