بفاسق أو هو تقي.
والسبب في ذلك : هو أنّ القضية مطلقاً ، أي سواء أكانت خارجية أم كانت حقيقية ، وسواء أكانت خبرية أم كانت إنشائية ، فهي إنّما تتكفل لبيان حكمها لموضوعه الموجود في الخارج حقيقيةً أو تقديراً من دون دلالة لها على أنّ هذا الفرد موضوع له أو ليس بموضوع له أصلاً ، مثلاً قولنا : أكرم علماء البلد إلاّ الفسّاق منهم ، قضية خارجية تدل على ثبوت الحكم للأفراد الموجودة في الخارج ، فلو شككنا في أنّ زيداً العالم الذي هو من علماء البلد هل هو فاسق أوليس بفاسق فهذه القضية لا تدل على أنّه ليس بفاسق فيجب إكرامه ، ضرورة أنّ مفادها وجوب إكرام عالم البلد على تقدير عدم كونه فاسقاً ، وأمّا أنّ هذا التقدير ثابت أوليس بثابت فهي لا تتعرض له لا إثباتاً ولا نفياً.
وأمّا في القضية الحقيقية كالقضيتين المتقدمتين ونحوهما فالأمر فيها أوضح من ذلك ، فانّ الموضوع فيها بما أنّه قد اخذ في موضع الفرض والتقدير فلأجل ذلك ترجع في الحقيقة إلى قضية شرطية مقدّمها وجود الموضوع وتاليها ثبوت الحكم له ، ومن الطبيعي أنّ القضية الشرطية لا تنظر إلى وجود شرطها في الخارج وعدم وجوده أصلاً ، بل هي ناظرة إلى إثبات التالي على تقدير وجود الشرط كقولنا : الخمر حرام ، البول نجس ، الحج واجب على المستطيع وما شاكل ذلك ، فانّها قضايا حقيقية قد اخذ موضوعها مفروض الوجود في الخارج ، ومدلول هذه القضايا هو ثبوت الحكم لهذا الموضوع من دون نظر لها إلى وجوده وتحققه في الخارج وعدمه أصلاً ، ومن هنا لو شككنا في أنّ المائع الفلاني خمر أو ليس بخمر لم يمكن التمسك باطلاق ما دلّ على حرمة شرب الخمر لاثبات أنّه خمر ، حيث إنّه خارج عن إطار مدلوله فلا نظر له إليه لا إثباتاً ولا نفياً. فالنتيجة أنّ عدم جواز التمسك بالعام في الشبهات المصداقية