ونظير ذلك ما ذكرناه في الفقه (١) من أنّ ما دل من الروايات على عدم انفعال الماء مطلقاً إلاّبالتغير بأحد أوصاف النجس قد قيد بروايات الكر الدالة على اعتصامه وعدم انفعاله بالملاقاة دون القليل ، وإلاّ لكان عنوان الكر المأخوذ في لسان الروايات لغواً محضاً ، وعليه فيكون موضوع عدم انفعال الماء بالملاقاة إلاّ إذا تغير هو الماء المقيد بالكر دون مطلق الماء ، فاذا شك في ماء أنّه كر أم لا فلا أصل هنا لاحراز أنّه كر إلاّ إذا كانت لكريته حالة سابقة.
فالنتيجة : أنّ في كل مورد يكون المخصص موجباً لتعنون العام بعنوان وجودي وتقيده به فهو خارج عن محل الكلام ولا يمكن إثباته بالأصل. فمحل الكلام إنّما هو فيما إذا كان المخصص موجباً لتقيد العام بعنوان عدمي من دون فرق في ذلك بين المخصص المتصل والمنفصل ، كتقييد ما دل على انفعال الماء مطلقاً بالملاقاة بما دل على أنّ الماء الكر لا ينفعل بها ، فيكون موضوع الانفعال بالملاقاة هو الماء الذي لا يكون كراً ، وعليه فاذا شك في ماء أنّه كر أو ليس بكر ، فالصحيح أنّه لا مانع من الرجوع إلى الأصل لاثبات عدم كريته يعني عدمها الأزلي ، فانّ الموضوع على هذا مركب من أمرين : أحدهما عنوان وجودي. والآخر عنوان عدمي ، والأوّل محرز بالوجدان والثاني بالأصل ، فبضم الوجدان إلى الأصل يتحقق الموضوع المركب فيترتب عليه أثره ، ففي المثال المزبور يكون الموضوع أي موضوع الانفعال مركباً من الماء وعدم اتصافه بالكرية ، والأوّل محرز بالوجدان والثاني بالأصل ، حيث إنّه في زمان لم يكن ماء ولا اتصافه بالكرية ثمّ وجد الماء في الخارج فنشك في اتصافه بالكرية وأ نّه هل وجد أم لا ، فنستصحب عدمه أي عدم اتصافه بها.
__________________
(١) شرح العروة الوثقى ٢ : ٩٧ وما بعدها.