واخرى يلاحظ وجود العرض بالاضافة إلى معروضه لا ماهيته ، أو عدمه بالاضافة إليه ، ويعبّر عن هذا الوجود والعدم بالوجود والعدم النعتيين تارةً ، وبمفاد كان الناقصة وليس الناقصة تارة اخرى ، وهذا الوجود والعدم يحتاجان في تحققهما إلى وجود موضوع محقق في الخارج ويستحيل تحققهما بدونه ، فهما من هذه الناحية كالعدم والملكة ، يعني أنّ التقابل بينهما يحتاج إلى وجود موضوع محقق في الخارج ، ويستحيل التقابل بدونه ، أمّا احتياج الملكة إليه فظاهر حيث لا يعقل وجودها إلاّفي موضوع موجود ، وأمّا احتياج العدم فلأنّ المراد منه ليس العدم المطلق ، بل المراد منه عدم خاص وهو العدم المضاف إلى محل قابل للاتصاف بالملكة. مثلاً العمى ليس عبارة عن عدم البصر على الاطلاق ، ولذا لا يصح سلبه عمّا لا يكون قابلاً للاتصاف به فلا يقال للجدار مثلاً إنّه أعمى يعني ليس ببصير ، ومن هنا يصح ارتفاعهما معاً عن موضوع غير موجود من دون لزوم ارتفاع النقيضين ، فانّ زيداً غير الموجود لا بصير ولا أعمى.
وقد تحصّل من ذلك : أنّ اتصاف شيء بكل منهما يحتاج إلى وجوده وتحققه في الخارج ، بداهة استحالة وجود الصفة بدون وجود موصوفها ، لأنّ ثبوت شيء لشيء فرع ثبوت المثبت له ، وما نحن فيه كذلك ، فانّ الوجود والعدم النعتيين يستحيل ثبوتهما بدون وجود منعوت وموصوف في الخارج ، ومن هنا يمكن ارتفاعهما بارتفاع موضوعهما من دون لزوم ارتفاع النقيضين ، فانّ الفرد الخارجي من العالم إمّا أن يكون عادلاً أو فاسقاً ، وأمّا المعدوم فلا يعقل اتصافه بشيء منهما ، وهذا بخلاف الوجود والعدم المحموليين حيث لا يمكن ارتفاعهما معاً ، فانّه من ارتفاع النقيضين ، لما عرفت من أنّ الماهية إذا قيست إلى الخارج فلا تخلو من أن تكون موجودةً أو معدومةً ولا ثالث لهما.