الكرية كذلك لا يثبت اتصاف الماء بها إلاّ إذا كانت لهذا الاتصاف حالة سابقة ، وأمّا في غير هذه الصورة فلا مجال لجريان الاستصحاب وترتب آثار الوجود النعتي إلاّعلى القول باعتبار الأصل المثبت ، فالأثر المترتب على كرية ماء في الخارج أو عدالة زيد مثلاً إنّما يترتب عليها بضم الوجدان إلى الأصل فيما إذا علم باتصاف الماء بالكرية أو اتصاف زيد بالعدالة ليستصحب بقاؤه عند الشك فيه ، وأمّا مع عدم العلم بهذا الاتصاف فلا يمكن إحراز كريته أو عدالته باستصحاب وجود طبيعي الكرية أو العدالة بمفاد كان التامة ولو مع العلم بالملازمة بين وجودها في الخارج واتصافه بها ، حيث إنّه من أوضح أنحاء الأصل المثبت.
فالنتيجة : أنّ الموضوع إذا كان مركباً من العرض ومحلّه فلا محالة يكون المأخوذ فيه هو وجود العرض بمفاد كان الناقصة ، حيث إنّ ثبوته لموضوعه بعينه هو اتصافه به كما عرفت.
وأمّا إذا كان مركباً من عدم العرض ومحلّه فلا يلزم أن يكون العدم مأخوذاً فيه بمفاد ليس الناقصة حتى لا يمكن إحرازه بالأصل ، بل الظاهر هو أنّه مأخوذ فيه بمفاد ليس التامة ، والسبب في ذلك يرجع إلى الفرق بين وجود العرض وعدمه ، حيث إنّ العرض في وجوده يحتاج إلى موضوع محقق في الخارج لا في عدمه فانّه لا يحتاج إلى موضوع كذلك ، بداهة أنّ نقطة الافتقار إلى وجود الموضوع في عالم العين إنّما تكون من لوازم وجود العرض دون عدمه ، فكرية الماء مثلاً وإن كانت بحيث إذا تحققت في الخارج كانت لا محالة في الموضوع ، إلاّ أنّ عدم كريته ليس كذلك ، بل هو أمر أزلي كان متحققاً قبل تحقق موضوعه ، فاذا تحقق ماء في الخارج ولم يكن متصفاً بالكرية كان عدم