إنّ حقيقة وجود العرض حقيقة متقوّمة بالموضوع الموجود خارجاً في مقابل وجود الجوهر حيث إنّه في ذاته غني عن الموضوع وقائم بذاته ، ولذا قيل في تعريف الجوهر بأ نّه ماهية إذا وجدت وجدت في نفسه في قبال تعريف العرض بأ نّه ماهية إذا وجدت وجدت في غيره يعني متقوّماً بغيره ، ومن هنا يكون وجوده المحمولي عين وجوده النعتي ، يعني أنّ في الخارج وجوداً واحداً والاختلاف بينهما إنّما هو في الاضافة باعتبار إضافته إلى نفسه محمولي ، وباعتبار إضافته إلى موضوعه نعتي.
وعلى هذا فإن كان الموضوع مركباً من جوهرين أو عرضين في محل واحد أو في محلّين ، أو عرض مع غير محلّه وموضوعه ففي جميع ذلك يكون العرض مأخوذاً في الموضوع بوجوده المحمولي وبمفاد كان التامة ، فانّ أخذه بمفاد كان الناقصة في هذه الموارد يحتاج إلى عناية زائدة ، وإلاّ فالقضية في نفسها وبطبعها لا تقتضي أزيد من أخذه بمفاد كان التامة ، وأمّا إذا كان مركباً من العرض ومحلّه الخاص كالكرية المأخوذة في الماء والعدالة المأخوذة في زيد مثلاً وهكذا ، ففي مثل ذلك لا محالة يكون المأخوذ فيه العرض بوجوده النعتي ، ضرورة أنّ الحكم إنّما يترتب على خصوص وجوده في ذلك المحل الخاص والموضوع المخصوص ، ومن المعلوم أنّه بعينه وجود نعتي ، لما عرفت آنفاً أنّ وجود العرض في نفسه عين وجوده لموضوعه ، فوجود الكرية في ماء هو بعينه ثبوت الكرية له الذي يعبّر عنه باتصافه بالكرية وما هو مفاد كان الناقصة ، وكذا وجود العدالة في زيد مثلاً هو بنفسه ثبوت العدالة له المعبّر عنه باتصاف زيد بالعدالة الذي هو مفاد كان الناقصة ، فعلى الأوّل لا مانع من إحراز الموضوع بضم الوجدان إلى الأصل ، وعلى الثاني لا يمكن ذلك ، فانّ استصحاب وجود العدالة بمفاد كان التامة لا يثبت اتصاف زيد بها ، وكذا استصحاب وجود