والأكثر ، إلاّ أنّ ذلك بمجرده لا يكفي في عدم تنجّز الأكثر بعد تعلق العلم به بعنوان آخر لم تلحظ فيه الكمية والعدد ، فغاية ما هناك هو عدم اقتضاء العلم الثاني للتنجز بالاضافة إلى المقدار الزائد على المتيقن ، لا أنّه يقتضي عدم التنجز بالاضافة إلى ذلك المقدار ، فلا يعقل أن يزاحم اقتضاء العلم الأوّل للتنجز في تمام ما بأيدينا من الكتب على ما هو مقتضى المقدمة الثالثة. ونظير ذلك ما إذا كنت عالماً بأ نّك مديون لزيد بمقدار مضبوط يمكن العلم به تفصيلاً بالمراجعة إلى الدفتر ، فهل يساعد وجدانك على أن تكتفي بمراجعة الدفتر بمقدار يكون فيه القدر المتيقن من الدين ، وهل عدم الاكتفاء به إلاّمن جهة العلم باشتغال الذمة بمجموع ما في الدفتر الموجب لتنجّز الواقع المعنون بهذا العنوان على ما هو عليه في نفس الأمر من الكمية والمقدار.
فاتضح مما ذكرناه أنّ الانحلال يتوقف زائداً على كون المعلوم مردداً بين الأقل والأكثر على أن لا يكون متعلق العلم معنوناً بعنوان آخر غير ملحوظ فيه الكمية والعدد. وأمّا إذا كان كذلك فلا يعقل فيه الانحلال ، ويستحيل أن يكون مجرد اليقين بمقدار معيّن مما يندرج تحت ذلك العنوان موجباً له ، فانّه يستلزم سقوط ما فيه الاقتضاء عن اقتضائه لأجل ما لا اقتضاء فيه وهو غير معقول (١).
نلخّص ما أفاده قدسسره في عدة نقاط :
الاولى : أنّ الضابط في انحلال العلم الاجمالي ليس هو الظفر بالمقدار المعلوم والمتيقن ، بل له نكتة اخرى لا بدّ في الحكم بالانحلال من توفر تلك النكتة ،
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٣٥٥ ـ ٣٥٩.