وإن شئت قلت : إنّ العلم التفصيلي بنجاسة أحدها وإن كان يوجب انحلال العلم الاجمالي الأوّل جزماً ، إلاّ أنّه لا يؤثر بالاضافة إلى العلم الاجمالي الثاني ، فانّ المعلوم بالاجمال فيه وإن احتمل انطباقه على المعلوم بالتفصيل إلاّ أنّ مجرد ذلك لا يكفي بعد ما كانت نسبته إلى كل واحد منها نسبة واحدة ، فلا تنحل القضية الشرطية فيه إلى قضيتين حمليتين إحداهما متيقنة والاخرى مشكوك فيها ، حيث إنّ ملاك انحلال العلم الاجمالي هو انحلال هذه القضية وهي قد انحلت في العلم الاجمالي الأوّل على الفرض دون العلم الاجمالي الثاني.
وما نحن فيه من هذا القبيل فانّ لنا علمين إجماليين : أحدهما متعلق بوجود المخصصات والمقيدات المردد في الواقع بين الأقل والأكثر. وثانيهما متعلق بوجوداتهما في خصوص الكتب الأربعة مثلاً ، فالعلم الاجمالي الثاني يمتاز عن العلم الاجمالي الأوّل حيث إنّ المعلوم بالاجمال في العلم الثاني ذات علامة وتعيّن في الواقع دون المعلوم بالاجمال في العلم الأوّل.
ونتيجة ذلك هي : أنّ العلم الاجمالي الأوّل ينحل بالظفر بالمقدار المعلوم دون الثاني ، نظراً إلى أنّ المعلوم بالاجمال فيه ذات علامة وتعيّن في الواقع من دون لحاظ الكمية والعدد فيه.
وعلى الجملة : فاذا ظفرنا بمقدار من المخصص والمقيد فان لوحظ بالاضافة إلى العلم الاجمالي الأوّل ، فإن كان بمقدار المعلوم بالاجمال فيه فقد انحل لا محالة ، وإن لوحظ بالاضافة إلى العلم الاجمالي الثاني لم يؤثر فيه أصلاً حيث لم تلحظ فيه الكمية ، فما دام العلم الاجمالي متعلقاً بما له تعيّن وعلامة في الواقع فهو غير قابل للانحلال ، ولا ينتفي إلاّبانتهاء تعيّنه وعلامته فيه ، ولازم ذلك هو وجوب الاحتياط بالاضافة إلى كل ما ينطبق عليه المعلوم بالاجمال المعنون بهذا العنوان والعلامة ، وفي المقام العلم الاجمالي الأوّل الذي يدور المعلوم