سقوط علته وارتفاعها ، وكذا الحال فيما إذا كانت الحرمة ثابتة في الواقع ولكنّها غير منجّزة ، لوضوح أنّها ما لم تكن منجّزة فلا تزاحم الوجوب ولا تكون معجّزاً للمكلف عن الاتيان بالمأمور به ومعذّراً له في تركه لتكون موجبة لتقييده بغير هذا الفرد.
فالنتيجة : أنّ الحرمة إذا سقطت من جهة الاضطرار أو نحوه ـ كما فيما نحن فيه ، أو فرض أنّها وإن لم تسقط في الواقع بل هي باقية إلاّ أنّها غير منجّزة ـ فلا تمنع عن انطباق الطبيعي المأمور به على هذا الفرد الملازم وجوداً مع الحرام ، لأنّ المانع عنه إنّما هو الحرمة المنجّزة الموجبة لتقييده بغيره بناءً على تقديمها على الوجوب كما هو المفروض ، وأمّا إذا سقطت فلا مانع أصلاً.
وأمّا النوع الثالث ، وهو ما كان التقييد ناشئاً عن الدلالة الالتزامية ، فقد أفاد قدسسره بما هو توضيحه : أنّ التقييد والحرمة معلولين للنهي في مرتبة واحدة ، فلا سبق للحرمة على التقييد ليكون التقييد معلولاً لها ، وعليه فمقتضى القاعدة الأوّلية هو سقوط الأمر عند تعذر قيده ، ضرورة استحالة بقاء الأمر بحاله مع تعذره ، وإلاّ لزم التكليف بالمحال ، ومقتضى القاعدة الثانوية هو سقوط التقييد ولزوم الاتيان بالباقي من أجزاء الصلاة وشرائطها ، والوجه في ذلك : هو أنّ الحرمة والوجوب متضادان ، وقد تقدّم في بحث الضد (١) بشكل واضح أنّ وجود الضد ليس مقدمةً لعدم الضد الآخر ، ضرورة أنّ المقدمية تقتضي تقدم المقدمة على ذيها بالرتبة ، والمفروض أنّه لا تقدم ولا تأخر بين وجود ضد وعدم الآخر ، كما أنّه لا تقدم ولا تأخر بين وجوديهما ، لأنّ تقدم شيء على آخر بالرتبة يحتاج إلى ملاك مصحح له ولا يكون جزافاً ، والمفروض أنّه
__________________
(١) راجع المجلد الثاني من هذا الكتاب ص ٢٩٠ وما بعدها.