وعلى الجملة : فحجية أصالة الظهور إنّما هي ببناء العقلاء ، ومن المعلوم أنّ بناءهم عليها إنّما هو فيما إذا لم تقم قرينة على خلافها وإلاّ فلا بناء منهم على العمل بها في مقابلها ، والمفروض أنّ خبر الواحد بعد اعتباره وحجيته يصلح أن يكون قرينةً على الخلاف جزماً ، من دون فرق في ذلك بين أن يكون مقطوع الصدور أو مقطوع الاعتبار ، وقد جرت على ذلك السيرة القطعية العقلائية. ومن الطبيعي أنّ عمومات الكتاب أو مطلقاته لا تمتاز عن بقية العمومات أو المطلقات من هذه الناحية أصلاً ، بل حالها حالها.
فالنتيجة : أنّ رفع اليد عن عموم الكتاب أو إطلاقه بخبر الواحد ليس من رفع اليد عن القطعي بالظني.
ومنها : أنّه لا دليل على اعتبار خبر الواحد إلاّ الاجماع ، وبما أنّه دليل لبي فلا بدّ من الأخذ بالمقدار المتيقن منه ، والمقدار المتيقن هو ما إذا لم يكن الخبر على خلاف عموم الكتاب أو إطلاقه وإلاّ فلا يقين بتحقق الاجماع على اعتباره في هذا الحال ، ومعه كيف يجوز رفع اليد به عنه.
ويرد عليه : أنّ عمدة الدليل على اعتبار الخبر إنّما هو السيرة القطعية من العقلاء لا الاجماع بما هو إجماع ، وقد عرفت أنّ بناءهم على العمل بالعموم أو الاطلاق إنّما هو فيما إذا لم يقم خبر الواحد على خلافه ، حيث إنّه يكون بنظرهم قرينةً على التصرف فيه.
ومنها : الأخبار (١) الدالة على المنع من العمل بما خالف كتاب الله ، وأنّ ما خالفه فهو زخرف أو باطل أو اضربه على الجدار أو لم أقله أو ما شاكل ذلك ،
__________________
(١) الوسائل ٢٧ : ١٠٦ / أبواب صفات القاضي ب ٩.