شرعاً بدليل قطعي ، فبطبيعة الحال لا يكون رفع اليد عن عموم الكتاب أو إطلاقه به إلاّرفع اليد عنه بالقطع ، لفرض أنّا نقطع بحجيته. وبكلمة اخرى : أنّ التنافي إنّما هو بين عموم الكتاب وسند الخبر ، ولا تنافي بينه وبين دلالته ، لتقدمها عليه بمقتضى فهم العرف ، حيث إنّها تكون قرينةً عندهم على التصرف فيه ، ومن الواضح أنّه لا تنافي بين ظهور القرينة وظهور ذيها.
وعلى هذا فاذا أثبتنا اعتبار سنده شرعاً بدليل فلا محالة يكون مخصصاً لعمومه أو مقيداً لاطلاقه ، ولا يكون مردّ هذا إلى رفع اليد عن سند الكتاب حتى لا يمكن ، ضرورة أنّه لا تنافي بين سنده وبين الخبر لا سنداً ولا دلالة ، وإنّما التنافي كما عرفت بين دلالته على العموم أو الاطلاق وبين سند الخبر ، وأدلة اعتبار السند حاكمة عليها ورافعة لموضوعها ، وهو الشك في إرادة العموم ، حيث إنّه بعد اعتباره سنداً مبيّن لما هو المراد من الكتاب في نفس الأمر والواقع فيكون مقدّماً عليه وهذا واضح.
وإنّما الكلام في عدّة من الشبهات التي توهمت في المقام.
منها : أنّ الكتاب قطعي السند والخبر ظني السند فكيف يجوز رفع اليد عن القطعي بالظني.
ويردّه : ما عرفت الآن من أنّ القطعي إنّما هو سند الكتاب وصدوره بألفاظه الخاصة ، والمفروض أنّ الخبر لا ينافي سنده أصلاً لا بحسب السند ولا بحسب الدلالة ، وأمّا دلالته على العموم أو الاطلاق فلا تكون قطعيةً ، ضرورة أنّنا نحتمل عدم إرادته تعالى العموم أو الاطلاق من عمومات الكتاب ومطلقاته ، ومع هذا الاحتمال كيف يكون رفع اليد عنه من رفع اليد عن القطعي بالظني ، فلو كانت دلالة الكتاب قطعيةً لم يمكن رفع اليد عنها بالخبر ، بل لا بدّ من طرحه في مقابلها.