بالعموم المطلق لا تكون مشمولة لتلك الأخبار ، هذا.
مضافاً إلى أنّ أكثر الأخبار الواردة في أبواب العبادات والمعاملات لاتكون مخالفةً لعموم الكتاب ، حيث إنّها متكفلة للأحكام التي ليست بموجودة في عموم القرآن ليقال إنّها مخالفة له ، والوجه في ذلك : هو أنّ جل الآيات الواردة في أبواب العبادات إنّما هي في مقام التشريع فلا إطلاق لها فضلاً عن العموم.
وعليه فبطبيعة الحال لا تكون الروايات الدالة على اعتبار شيء فيها جزءاً أو شرطاً مخالفة لها بنحو من المخالفة. وأمّا الآيات الواردة في أبواب المعاملات وإن كان لكثير منها إطلاق إلاّ أنّه لا مانع من تقييده بخبر الواحد وإن لم نقل بجواز التخصيص به ، والنكتة فيه : أنّ ثبوت الاطلاق يتوقف على جريان مقدمات الحكمة ، ومن الطبيعي أنّها لا تجري مع قيام خبر الواحد على الخلاف ، وهذا بخلاف عموم العام ، فانّه لا يتوقف على شيء ما عدا الوضع.
ومن ضوء هذا البيان يظهر : أنّ ما أفاده المحقق صاحب الكفاية قدسسره (١) من أنّا لو قلنا بشمول الأخبار الدالة على عدم جواز العمل بالأخبار المخالفة للكتاب لمثل هذه المخالفة ـ يعني المخالفة بالعموم والخصوص المطلق ـ لزم إلغاء الخبر بالمرة أو ما بحكمه ، خاطئ جداً ولا واقع موضوعي له ، لما عرفت من أنّنا لو قلنا بالشمول المزبور فمع ذلك لا يلزم إلغاء الخبر بالمرّة ، بل له موارد كثيرة لا بدّ من العمل به في تلك الموارد من دون كون العمل به فيها مخالفاً للكتاب بوجه.
ومنها : لو جاز تخصيص عموم الكتاب بخبر الواحد لجاز نسخه به أيضاً ،
__________________
(١) كفاية الاصول : ٢٣٦ ـ ٢٣٧.