فالنتيجة : أنّ النسخ بالمعنى الذي ذكرناه أمر ممكن جزماً ولايلزم منه شيء من المحذورين المتقدمين ، بيان ذلك : أنّه لا شبهة في دخل خصوصيات الأفعال في ملاكات الأحكام وأ نّها تختلف باختلاف تلك الخصوصيات ، سواء أكانت تلك الخصوصيات زمانية أو مكانية أو نفس الزمان كأوقات الصلاة والصيام والحج وما شاكل ذلك ، فانّ دخلها في الأحكام المجعولة لهذه الأفعال مما لا يشك فيه عاقل فضلاً عن فاضل ، فاذا كانت خصوصيات الزمان دخيلةً في ملاكات الأحكام وأ نّها تختلف باختلافها ، فلتكن دخيلةً في استمرارها وعدمه أيضاً ، ضرورة أنّه لا مانع من أن يكون الفعل مشتملاً على مصلحة في مدة معيّنة وفي قطعة خاصة من الزمان فلايكون مشتملاً عليها بعد انتهاء تلك المدة.
وعليه فبطبيعة الحال يكون جعل الحكم له من الحكيم المطلق العالم باشتماله كذلك محدوداً بأمد تلك المصلحة فلايعقل جعله منه على نحو الاطلاق والدوام ، فاذن لا محالة ينتهي الحكم بانتهاء تلك المدة حيث إنّها أمده.
وعلى الجملة : فاذا أمكن أن يكون لليوم المعيّن أو الاسبوع المعيّن أو الشهر المعيّن دخل في مصلحة الفعل وتأثير فيها أو في مفسدته أمكن دخل السنة المعيّنة أو السنين المعيّنة فيها أيضاً ، فاذا كان الفعل مشتملاً على مصلحة في سنين معيّنة لم يجعل له الحكم إلاّفي هذه السنين فحسب ، فيكون أجله وأمده انتهاء تلك السنين ، فاذا انتهت انتهى الحكم بانتهاء أمده وحلول أجله ، هذا [ بحسب مقام الثبوت ، وأمّا ] بحسب مقام الاثبات ، فالدليل الدال عليه وإن كان مطلقاً إلاّ أنّه كما يمكن تقييد إطلاق الحكم من غير جهة الزمان بدليل منفصل فكذلك يمكن تقييد إطلاقه من جهة الزمان أيضاً بدليل منفصل ، حيث إنّ المصلحة قد تقتضي بيان الحكم على جهة العموم أو الاطلاق ، مع أنّ المراد الجدي هو الخاص أو المقيد والموقت بوقت خاص ويكون بيان التخصيص أو التقييد بدليل منفصل.