فالنسخ في مقام الثبوت والواقع انتهاء الحكم بانتهاء أمده ، وفي مقام الاثبات رفع الحكم الثابت لاطلاق دليله من حيث الزمان ، ولا يلزم منه خلاف الحكمة ولا كشف الخلاف المستحيل في حقّه تعالى. هذا بناءً على وجهة نظر العدلية من تبعية الأحكام للمصالح والمفاسد في متعلقاتها ، وأمّا على وجهة نظر من يرى تبعية الأحكام لمصالح في أنفسها فالأمر أيضاً كذلك ، فانّ المصلحة الكامنة في نفس الحكم تارةً تقتضي جعله على نحو الاطلاق والدوام في الواقع ، وتارة اخرى تقتضي جعله في زمان خاص ووقت مخصوص فلا محالة ينتهي بانتهاء ذلك الوقت ـ وهذا هو النسخ ـ وإن كان الفعل باقياً على ما هو عليه في السابق ، أو فقل : إنّ في إيجاب شيء تارةً مصلحة في جميع الأزمنة ، واخرى في زمان خاص دون غيره.
فالنتيجة في نهاية الشوط : هي أنّه لا ينبغي الشك في إمكان النسخ بل وقوعه في الشريعة المقدّسة على وجهة نظر كلا المذهبين كمسألة القبلة أو نحوها.