الثانية : أنّ العالم بأجمعه وبشتى أشكاله تحت سلطان الله تعالى وقدرته ، كما أنّه تعالى عالم به بجميع أشكاله منذ الأزل ، وقد عرفت أنّ هذا العلم لا ينافي ولا يزاحم قدرته واختياره ، ومن هنا قلنا إنّ ما ذهب إليه اليهود من أنّ قلم التقدير والقضاء إذا جرى على الأشياء في الأزل استحال أن تتعلق المشيئة الإلهية بخلافه خاطئ جداً ولا واقع موضوعي له أصلاً ، فانّ قلم التقدير والقضاء لا ينافي قدرته ولا يزاحم اختياره.
الثالثة : أنّ قضاءه تعالى على ثلاثة أنواع : ١ ـ قضاؤه الذي لم يُطلع عليه أحداً من خلقه. ٢ ـ قضاؤه الذي أطلع بوقوعه أنبياءه وملائكته على سبيل الحتم والجزم. ٣ ـ قضاؤه الذي أطلع بوقوعه أنبياءه وملائكته معلّقاً على أن لا تتعلق مشيئته على خلافه ، ولا يعقل جريان البداء في القضاء الأوّل والثاني وإنّما يكون ظرف جريانه هو الثالث ، وهذا التقسيم قد ثبت على ضوء الروايات وحكم العقل الفطري.
الرابعة : أنّه لا يلزم من الالتزام بالبداء أيّ محذور كتجويز الجهل عليه سبحانه أو ما ينافي عظمته وإجلاله أو الكذب ، بل في الاعتقاد به تعظيم لسلطانه وإجلال لقدرته ، كما لا يلزم منه محذور بالاضافة إلى أنبيائه وملائكته ، بل فيه امتياز علم الخالق عن علم المخلوق.
الخامسة : أنّ حقيقة البداء عند الشيعة الإمامية هي بمعنى الابداء أو الاظهار وإطلاق لفظ البداء عليه مبني على التنزيل وبعلاقة المشاكلة.
السادسة : أنّ فائدة الاعتقاد بالبداء هي الاعتراف الصريح بأنّ العالم بأجمعه تحت سلطان الله وقدرته ( يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ ) وتوجه العبد إلى الله تعالى وتضرّعه إليه قي قضاء حوائجه ومهماته وعدم يأسه من