أنّها معرّاة من تمام الخصوصيات والتعينات : الذهنية والخارجية ، حتى خصوصية قصر النظر عليها ، والسبب فيه : هو أنّه لو كان موضوعاً للماهية المأخوذ فيها شيء من تلك الخصوصيات لكان استعماله في غيرها مجازاً ومحتاجاً إلى عناية زائدة حتى ولو كانت تلك الخصوصية قصر النظر على ذاتها وذاتياتها ، لما عرفت من أنّه نحو من التعيّن وهو غير مأخوذ في معناه الموضوع له ، فالمعنى الموضوع له مبهم من جميع الجهات.
ومن هنا يصح استعمال اسم الجنس كالانسان أو ما شاكله في الماهية بجميع أطوارها : الذهنية والخارجية ، ومن الطبيعي أنّه لو كان شيء منها مأخوذاً في معناه الموضوع له لكان استعماله في غير الواجد له بحاجة إلى عناية زائدة ، مع أنّ الأمر ليس كذلك.
ومن الواضح أنّ صحة استعماله فيها في جميع حالاتها وطوارئها تكشف كشفاً يقينياً عن أنّه موضوع بازاء الماهية نفسها من دون لحاظ شيء من الخصوصيات فيها حتى قصر النظر على ذاتها وذاتياتها ، ففي مثل قولنا : النار حارة لم تستعمل كلمة النار إلاّفي الطبيعة الجامعة بين تلك الأقسام المهملة بالاضافة إلى تمام خصوصياتها ولحاظاتها.
وإن شئت قلت : إنّ اللحاظات الطارئة على الماهية بشتى أشكالها إنّما هي في مرحلة الاستعمال ، حيث إنّ في هذه المرحلة لا بدّ من أن تكون الماهية ملحوظة بأحد الأقسام المتقدمة ، نظراً إلى أنّ الغرض قد يتعلق بلحاظها على شكل ، وقد يتعلق به على شكل آخر وهكذا.
إلى هنا قد وصلنا إلى هذه النتيجة : وهي أنّ الماهية المهملة فوق جميع الاعتبارات واللحاظات الطارئة عليها ، حيث إنّها مهملة حقيقةً وبتمام المعنى ، وأمّا الماهية المقصور فيها النظر إلى ذاتها وذاتياتها فليست بمهملة بتمام المعنى