لكونه وارداً في مورد الامتنان ، ضرورة أنّ معنى وروده في ذلك المورد هو أنّه لولا الامتنان لكان الحكم ثابتاً ، وهذا قرينة واضحة على أنّ المقتضي له تام ولا قصور فيه أصلاً ، وإلاّ فلا يكون في رفعه امتنان.
وعلى الجملة : فلا شبهة في أنّ رفع الحكم امتناناً على الامّة في نفسه قرينة واضحة على ثبوت المقتضي والملاك له ، وإلاّ فلا منّة في رفعه أصلاً ، كما هو واضح.
وأمّا الدعوى الثانية : فلا ريب في أنّ الفعل إذا كان مشتملاً على مفسدة فلا يمكن التقرب به ، ضرورة أنّ المفسدة مانعة عن التقرب بها وبدونه لا يمكن الحكم بصحته.
ولكن هذه الدعوى خاطئة جداً ، وذلك لأنّ الفعل المضطر إليه وإن كان مشتملاً على ملاك التحريم ومقتضيه كما هو قضية رفعه امتناناً ، إلاّ أنّ ذلك الملاك بما أنّه غير مؤثر في المبغوضية فلا يمنع عن صحة العبادة ، فانّ المانع عنها كما عرفت إنّما هو المبغوضية والحرمة ، والمفروض أنّهما قد سقطتا من ناحية الاضطرار أو نحوه واقعاً. ومجرد اشتمال الفعل على مفسدة غير مؤثرة فيهما لا أثر له أصلاً ، ومن الواضح جداً أنّ الفعل إذا كان جائزاً واقعاً كالتصرف في الماء المغصوب عند الاضطرار إليه ، فلا مانع من التمسك باطلاق الواجب لاثبات كونه مصداقاً له.
وعلى الجملة : فالتصرف في الماء المغصوب بعد سقوط الحرمة عنه واقعاً جائز كذلك ، ومعه لا مانع من التوضؤ أو الاغتسال به ، ومجرد اشتماله على مفسدة بلا تأثيرها في حرمته ومبغوضيته غير مانع عن التقرب بايجاد الطبيعة المأمور بها في ضمنه ، هذا حال غير الصلاة من العبادات.
وأمّا الصلاة في الأرض المغصوبة في حال الاضطرار فيقع الكلام في حكمها