تَراضٍ )(١) وما شاكل ذلك ، فيقع الكلام فيه تارةً فيما إذا كان دليل المقيد مخالفاً له في الايجاب والسلب ، واخرى يكون موافقاً له في ذلك.
أمّا على الأوّل : فلا شبهة في تقييد المطلق به ، ومن هنا قد قيّد إطلاق الآية بغير موارد البيع الغرري وبيع الخمر وبيع الخنزير والبيع الربوي وما شاكل ذلك ، وأمثلة هذا في الآيات والروايات كثيرة ولا كلام ولا خلاف في ذلك.
وأمّا على الثاني : فالمعروف والمشهور بينهم أنّه لا موجب لحمل المطلق على المقيد ، لعدم التنافي بينهما ، فالمقيد فيه يحمل على أفضل الأفراد. ولكن هذا إنّما يتم فيما إذا لم نقل بدلالة الوصف على المفهوم بالمعنى الذي تقدم في محلّه ، وأمّا إذا قلنا بها كما هو الظاهر فلا يتم ، بيان ذلك : أنّ القيد تارةً يقع في كلام السائل من جهة توهمه أنّ فيه خصوصية تمنع عن شمول الحكم له ، كما إذا افترض أنّه توهم أنّ الاطلاقات الدالة على طهورية الماء لا تشمل ماء البحر من جهة أنّ فيه خصوصية ـ وهي ملاحته ـ يمتاز بها عن غيره من المياه ، فلأجل ذلك سأل الإمام عليهالسلام عن طهوريته فأجاب عليهالسلام بأ نّه طاهر ، ففي مثل ذلك لا شبهة في عدم دلالته على المفهوم. وكذا إذا أتى الإمام عليهالسلام بقيد في كلامه لرفع توهم السائل أنّ فيه خصوصية يمتاز بها عن غيره ، بأن قال عليهالسلام : ماء البحر طاهر.
وأمّا إذا لم تكن قرينة على أنّ الاتيان بالقيد لأجل رفع التوهم ، ففي مثل ذلك لا مانع من الالتزام بالمفهوم ، وقد ذكرنا في بحث مفهوم الوصف أنّه ظاهر فيه وإلاّ لكان الاتيان به لغواً محضاً ، كما أنّا ذكرنا هناك أنّ المراد بالمفهوم هو دلالته على أنّ الحكم في القضية غير ثابت للطبيعي على نحو الاطلاق وإلاّ
__________________
(١) النساء ٤ : ٢٩.