المقيد أفضل من المطلق.
ثالثها وهو الصحيح : أنّ الدليل الدال على التقييد يتصور على وجوه أربعة لا خامس لها :
الأوّل : أن يكون ذا مفهوم ، بمعنى أن يكون لسانه لسان القضية الشرطية ، كما إذا افترض أنّه ورد في دليل أنّ صلاة الليل مستحبة وهي إحدى عشرة ركعة ، وورد في دليل آخر أنّ استحبابها فيما إذا كان المكلف آتياً بها بعد نصف الليل ، ففي مثل ذلك لا مناص من حمل المطلق على المقيد عرفاً ، نظراً إلى أنّ دليل المقيد ينفي الاستحباب في غير هذا الوقت من جهة دلالته على المفهوم.
الثاني : أن يكون دليل المقيد مخالفاً لدليل المطلق في الحكم ، فاذا دلّ دليل على استحباب الاقامة مثلاً في الصلاة ثمّ ورد في دليل آخر النهي عنها في مواضع كالاقامة في حال الحدث أو حال الجلوس أو ما شاكل ذلك ، ففي مثل ذلك لا مناص من حمل المطلق على المقيد ، والوجه فيه : ما ذكرناه غير مرّة من أنّ النواهي الواردة في باب العبادات والمعاملات ظاهرة في الارشاد إلى المانعية ، وأنّ الحدث أو الجلوس مانع عن الاقامة المأمور بها ، ومرجع ذلك إلى أنّ عدمه مأخوذ فيها فلا تكون الاقامة في حال الحدث أو الجلوس مأموراً بها.
الثالث : أن يكون الأمر في دليل المقيد متعلقاً بنفس التقييد لا بالقيد كما إذا افترض أنّه ورد في دليل أنّ الاقامة في الصلاة مستحبة ، وورد في دليل آخر فلتكن في حال القيام أو في حال الطهارة ، فالكلام فيه هو الكلام في القسم الثاني حيث إنّ الأمر في قوله : فلتكن ، ظاهر في الارشاد إلى شرطية الطهارة أو القيام لها ، ولا فرق من هذه الناحية بين كون الاقامة مستحبة أو واجبة ، فما هو المشهور من أنّه لا يحمل المطلق على المقيد في باب المستحبات لا أصل له في