وعلى الجملة : فكل من العقل والشرع ألزم المكلف بالتخلص عن الدار المغصوبة والخروج عنها في أوّل زمن الامكان ورفع الاضطرار ، فلو بقي بعد ذلك ولو آناً ما فقد ارتكب محرّماً ، لفرض أنّه تصرّف فيها بغير اضطرار ، ومن المعلوم أنّ تصرفه فيها بدونه محرّم على الفرض ، هذا حكم التخلص والخروج.
ومن هنا يظهر أنّه لا يجوز الاتيان بالصلاة ، لأنّه يوجب زيادة البقاء فيها والتصرف بلا موجبٍ ومقتض ، ومن الواضح أنّه غير جائز. وأمّا إذا فرض أنّه عصى وأتى بالصلاة فيها فهل يحكم بصحة صلاته أم لا ، فهو مبني على النزاع في مسألة جواز اجتماع الأمر والنهي وعدمه ، فعلى القول بالجواز يحكم بصحتها ، لفرض أنّه على هذا القول يكون المجمع متعدداً وجوداً وماهيةً ، فيكون مصداق المأمور به غير المنهي عنه خارجاً ، ومجرد ملازمته معه في الوجود الخارجي لا يمنع عن انطباق المأمور به عليه وصحته ، كما تقدّم الكلام من هذه الناحية بشكل واضح ، وعلى القول بالامتناع يحكم ببطلانها ، لفرض أنّه على هذا يكون مصداق المأمور به متحداً مع المنهي عنه خارجاً ، ومعه ـ أي مع الاتحاد ـ لا يمكن الحكم بالصحة أبداً ، لاستحالة كون المحرّم مصداقاً للواجب كما سبق ذلك بصورة مفصّلة ، هذا حكم الصلاة في الدار المغصوبة بعد رفع الاضطرار.
وأمّا الصلاة فيها قبل رفع الاضطرار ، فعلى وجهة نظرنا لا إشكال في جواز الاتيان بها وعدم وجوب تأخيرها لأن يؤتى بها في خارج الدار ، والوجه في ذلك واضح ، وهو ما ذكرناه من أنّ الصلاة مع الركوع والسجود ليست تصرفاً زائداً على مقدار تقتضيه الضرورة ، ومن هنا قلنا إنّ وظيفة غير المتمكن من التخلص عن الغصب هي الصلاة مع الركوع والسجود ، وليست وظيفته الصلاة مع الايماء بدلاً عنهما ، هذا من ناحية. ومن ناحية اخرى : المفروض جواز