أحدهما علماً بتوجّه تكليف على كلّ حال ، فلا يكون علمه المذكور موجباً لاجتنابه فعلاً عن الاناء. نعم لو ارتفع اضطراره وكان الاناء باقياً لزمه اجتنابهما ، لصيرورته حينئذ عالماً بتوجّه تكليف فعلي على كلّ حال.
وهكذا الحال في مسألة الخروج عن الابتلاء عند العلم الاجمالي ، فيفصّل فيها بين ما يكون عالماً بعوده بعد ذلك فيلزمه الاجتناب فعلاً عن الطرف الآخر ، بخلاف ما لو لم يكن عالماً بذلك فإنّه لا يلزمه فعلاً الاجتناب عن ذلك الطرف ، إلاّ إذا اتّفق العود إلى الابتلاء مع بقاء الطرف الآخر ، فإنّه حينئذ يلزمه الاجتناب عنهما.
واعلم أنّ صاحب الكفاية (١) في المتن بنى على سقوط العلم الاجمالي في مورد الاضطرار إلى بعض أطرافه ، سواء كان إلى المعيّن أو كان إلى غير المعيّن ، وسواء كان الاضطرار قبل العلم الاجمالي أو كان بعده ، وأساس ما أفاده في ذلك هو المنافاة بين الترخيص الفعلي في طرف معيّن أو غير معيّن مع العلم الاجمالي بوجود التكليف الفعلي بينهما ، وحينئذ لو كان الاضطرار إلى المعيّن سابقاً على العلم الاجمالي ، كان مقتضاه الترخيص الفعلي في ذلك الذي اضطرّ إليه ، وحينئذ لا يكون علمه الاجمالي علماً بتكليف فعلي على كلّ من طرفي العلم الاجمالي ، بل لا يكون إلاّمن قبيل احتمال وجود التكليف في الطرف غير المضطرّ إليه ، فيكون المرجع فيه هو الأصل ، ولا يكون العلم منجّزاً ، لأنّه ليس بعلم بتكليف فعلي على كلّ حال.
وهكذا الحال فيما لو كان الاضطرار إلى واحد غير معيّن ، فإنّه يوجب الترخيص الفعلي في ارتكاب أحدهما ، فأيّ منهما اختاره لسدّ ضرورته لا يكون
__________________
(١) كفاية الأُصول : ٣٦٠.