مورداً لحكم العقل بلزوم الفراغ اليقيني وتحقّق احتمال الضرر في الفراغ الاحتمالي ، كيف يمكننا القول بأنّه يحكم بقبح العقاب على ترك ذلك الزائد بلا بيان.
وقد أجاب بعض أجلّة العصر عن هذه الشبهة فيما حرّرته عن درسه سلّمه الله (١) ، وهاك نصّ ما حرّرته : وهو أنّ الجواب يتوقّف على مقدّمات :
الأُولى : أنّ محلّ الكلام في الأقل والأكثر الارتباطيين ممحّض لهذه الجهة ـ أعني الارتباط ـ مع قطع النظر عن الجهات الأُخر من اعتبار الترتيب أو الموالاة بين الأجزاء ، فإنّ ذلك غير لازم للارتباطية ، إذ ربما اعتبرت الموالاة في الواجبات غير الارتباطية ، وربما اعتبر فيها الترتيب كما في صلاة الظهرين ، كما أنّه ربما لم يعتبر الموالاة في الواجبات الارتباطية كما في الغسل الترتيبي ، بل ربما لم يعتبر الترتيب فيها ، كما قيل في مسح القدمين في الوضوء ، وكما قيل به في غسل الشقّين في الغسل الترتيبي.
المقدّمة الثانية : أنّ كلّ واحد من أجزاء المركّب الارتباطي يكون بنفسه متعلّقاً للوجوب ، بلا اعتبار قيد يوجب مباينته مع الكل. وبعبارة أُخرى : إذا دار الأمر بين وجوب الأجزاء الأربعة وبين وجوب الخمسة ، فالأربعة لا يختلف حالها ، سواء كانت بنفسها متعلّقة للوجوب أو كانت في ضمن الخمسة ، بحيث إنّها على تقدير تعلّق الوجوب بها فقط لا تكون مباينة لنفسها على تقدير تعلّق الوجوب بالخمسة. وبالجملة : فالأربعة لا تكون مقيّدة بشرط لا على تقدير تعلّق الوجوب بها ، كما أنّها لا تكون مقيّدة بشرط انضمام الخامس على تقدير تعلّقه بالخمسة ، فعلى تقدير تعلّق الوجوب بالخمسة لا يكون عدم سقوطه بالاتيان
__________________
(١) بتاريخ ذي الحجّة ١٣٤٠ ه ق [ منه قدسسره ].