المردّد بين إناء خالد وإناء عمرو مؤثّراً ، لأنّ أحد طرفيه وهو إناء عمرو مسبوق بالتنجّز ، ولو كان الأمر بالعكس كان الحكم هو العكس ، ولو حصل العلمان دفعة واحدة أثّرا معاً ، ووجب الاجتناب عن الجميع.
ولا يخفى أنّ جلّ همّ صاحب الكفاية في مسألة الملاقي والملاقى هو جعلهما من صغريات هذه الكبرى ، وأنّ المدار على سبق أحد العلمين على الآخر زماناً ، لا على تقدّم المعلوم زماناً على المعلوم الآخر ، بل ولا على تقدّم أحد العلمين رتبة على الآخر ، ولا على تقدّم أحد المعلومين رتبة على الآخر من جهة أنّ نجاسة الثوب مثلاً مولّدة ومسبّبة عن نجاسة إناء زيد الملاقى.
وغرضه أنّ نجاسة الثوب وإن كانت متولّدة من نجاسة إناء زيد ، وأنّ السبب في نجاسة الثوب هو نجاسة الملاقى الذي هو إناء زيد ، إلاّ أنه لو فرضنا أنّه لم يكن كذلك ، بل كان حاله حال إناء خالد ـ فيما ذكرناه من المثال ـ في كون المدار على التقدّم الزماني مع فرض كون نجاسته لم تكن بسبب نجاسة إناء زيد أو نجاسة إناء عمرو ، وحينئذ لابدّ من النظر إلى المتقدّم زماناً ، فإن كان هو العلم المردّد بين الاناءين ، كان هو المؤثّر ، وسقط العلم المتأخّر المردّد بين نجاسة الثوب وإناء عمرو. وإن كان الأمر بالعكس ، بأن كان العلم المتقدّم هو العلم المردّد بين الثوب وإناء عمرو ، كان هو المؤثّر وسقط العلم المتأخّر المردّد بين الاناءين ، وهذا لا يتوقّف على كون نجاسة الثوب مسبّبة عن نجاسة إناء زيد كما هو المفروض ، بل لو فرضنا أنّها لم تكن مسبّبة عنها ، لم يكن المؤثّر أيضاً إلاّما هو المقدّم من أحد العلمين ، ولا خصوصية لكون المعلوم في أحدهما مسبّباً عن المعلوم في الآخر.