أصاب ، وإنّما يكون العقاب عند الاصابة ، لكن هل العقاب على مخالفة الواقع ، أو على مخالفة الأمر الاحتياطي في خصوص حال إصابته ، وقد اختار الثاني شيخنا الأُستاذ قدسسره ، نظراً إلى [ أنّ ] التكليف الواقعي في حدّ نفسه لا يمكن ترتّب العقاب على مخالفته لبقائه مجهولاً ، ومجرّد الأمر الاحتياطي حيث إنّه لا يكون محرزاً له لا يصحّح العقاب على مخالفته ، فلابدّ أن نقول إنّ العقاب مترتّب على مخالفة الأمر الاحتياطي عند إصابته ، أمّا عند خطائه فلا يكون الأمر الاحتياطي إلاّ صورياً ، لأنّ الغرض منه هو حفظ التكليف الواقعي ، فلا يكون أمراً حقيقة إلاّعند الاصابة لاتّحاد ذلك الأمر الطريقي بالحكم الواقعي ، لكونه باعتبار كونه طريقاً إليه يكون متّحداً بالواقع ، ويكون مرجع الطريقية إلى الهوهوية ، وقد مرّ في باب جعل الطرق (١) الإشكال في ذلك :
أوّلاً : أنّ الغرض من الأمر الاحتياطي إذا فرض كونه صورياً عند المخالفة لا يكون موجباً عقلاً على المكلّف امتثاله ، لعدم إحراز إصابته ، اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ احتمال إصابته لمّا كان ملازماً لاحتمال العقاب على مخالفته ، كان ذلك كافياً في لزوم الجري على طبقه عقلاً ، خوفاً من احتمال إصابته الملازم لاحتمال استحقاق العقاب على مخالفته ، وفيه تأمّل.
وثانياً : أنّه بعد فرض كون الغرض من الأمر الاحتياطي هو حفظ المكلّف عن الوقوع في مخالفة التكليف الواقعي ، لا يكون الأمر المذكور إلاّ أمراً حقيقياً مطلقاً وإن اتّفق مخالفته للواقع ، ويكون حاله حال الأمر بغسل الجمعة لرفع الأرياح ، بل هو أولى بذلك ، لأنّ الغرض في الغسل يوم الجمعة قد ينفكّ عن هذه الجهة ، أعني جهة رفع الأرياح ، بخلاف الأمر الاحتياطي الذي كان الغرض منه هو
__________________
(١) في المجلّد السادس من هذا الكتاب ، في الصفحة : ٣٢٧.