لو كانت تلك النجاسة التفصيلية سابقة على ما هو المعلوم أوّلاً ، فإنّ العلم بها تفصيلاً ثانياً يسري إلى العلم الاجمالي السابق ويكشف عن حاله وأنّه صوري ، وأنّه لم يكن إلاّمن قبيل تخيّل ورود التكليف على كلّ حال.
وإن شئت فقل : إنّ العلم بها ثانياً يوجب التبدّل في المعلوم السابق ، وانكشاف أنّه لم يكن علماً بتكليف مردّد بين المتباينين ، بل ينكشف أنّه من قبيل الأقل والأكثر ، بمعنى أنّا كنّا متخيّلين أنّ معلومنا الاجمالي بين المتباينين ، ولكنّه انكشف أنّه بين الأقل والأكثر.
الرابعة : أنّه لو علم بالنجاسة بين إناء خالد وإناء عمرو ، ثمّ بعد ذلك علم بوقوع نجاسة سابقة إمّا في إناء زيد أو إناء عمرو ، فنسبة هذا العلم الاجمالي الثاني إلى العلم الاجمالي الأوّل كنسبة العلم التفصيلي الثاني في المقدّمة السابقة إلى العلم الاجمالي الأوّل ، في كونه كاشفاً عن كونه لم يكن المعلوم فيه مؤثّراً على كلّ تقدير ، فيكون موجباً لسقوطه ، ويكون المدار على العلم الاجمالي الثاني وإن كان متأخّراً زماناً أو رتبة عن الأوّل ، أو كان مقارناً له زماناً ورتبة ، وقد تقدّم توضيح ذلك مراراً (١).
بل قد تقدّم (٢) ما محصّله : أنّا لو قلنا إنّ المدار على العلم الاجمالي السابق فيما ذكرناه في المثال ، إلاّ أنه يمكننا عدم الالتزام به فيما نحن فيه من مثال العلم الاجمالي بين الثوب وإناء عمرو ثمّ يلحقه العلم الاجمالي بين إناء زيد وإناء عمرو ، بدعوى عدم المقابلة حقيقة بين الثوب وإناء عمرو وإنّما هي بين الاناءين ، ويتفرّع على نجاسة الأوّل منهما نجاسة الثوب ، لا أنّه دخيل في المقابلة
__________________
(١) راجع الحاشية الثانية المتقدّمة في الصفحة : ٥٠.
(٢) راجع ما تقدّم في الصفحة : ٨١ ـ ٨٢.