القائل بهذا هم من الشيعة أنفسهم ، نتيجة الدعاية الواسعة التي يشنّها الطرف الآخر ، المتمثّل بالسلطة وأعوانها ، وبعض عملائها كجعفر الكذّاب عمّ الإمام المهدي عليهالسلام ، زيادة على شدّة البليّة ، وطول المحنة ، وكثرة الفتن ، كل ذلك عوامل مباشرة في حصول الاضطراب عند ذوي النفوس الضعيفة من الشيعة ، وتزلزل عقيدتهم ، كالذي حصل لدى شر ذمة منهم في تأييد بعض المقولات الفاسدة التي ظهرت بعد وفاة الإمام العسكري عليهالسلام ، من قبيل مدعيات جعفر الكذّاب ونظرائه. وفي مقابل هذا تجد في صفوفهم المصداق الواقعي لقوله تعالى : ( لا تجد قوماً يؤمنونَ باللهِ واليومِ الآخرِ يوادّون من حادّ الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدّهم بروح منه ) (١).
وقوله عليهالسلام : « ولترفعنّ اثنتا عشرة راية مشتبهة ... » إشارة إلى تشتّت الآراء ، واختلاف النوازع ، وتعدّد الأهواء ، وكثرة أتباع الدنيا ، ودعواتهم الباطلة ، وغير ذلك من صور الظلم ومستلزماته ، وقدكان هذا وما زال موجوداً بين الناس على المستوى المذهبي الإسلامي ، وعلى المستوى السياسي والاقتصادي ، وغير ذلك من حقول الحياة المختلفة ؛ لانّ الحقّ والباطل في صراع دائم ، وإذا ما غَلَبَ الباطلُ انحرف المجتمع وانقسم على ذاته ، وتناحر في داخله على طول خط انحرافه. وامّا عن دعاة السوة والأئمة المضلّين ، فما أكثرهم في التاريخ ، فقد كانوا ولا زالوا يتمثّلون بالعلماء المزيفين الضالعين مع الاجهزة الحاكمة المتعسفة الظالمة
__________________
١ ـ سورة المجادلة : ٥٨ / ٢٢.