لسان موسى عليهالسلام أنه حين ما فرّ من قومه وغاب عنهم زماناً ، ثم عاد ـ بعد حين ـ إليهم ، خاطبهم قائلاً : ( ففررتُ منكم لمَّا خفتكمْ فوهَبَ لي ربِّي حكماً وجعلني من المرسلينَ ) (١).
فكذلك حال إمامنا المهدي ـ أرواحنا فداه ـ فيم سيخاطب به الناس بعد انتهاء أمد غيبته موضحاً لهم علّتها ؛ وقد جاء عن الإمام الصادق عليهالسلام ما هو صريح بورود هذه العلة على لسان الإمام المهدي عليهالسلام في ما سيتلوه من كتاب الله تعالى عند ظهوره الشريف.
عن المفضل بن عمر ، عن ابي عبد الله عليهالسلام ، قال : « إذا قام القائم عليهالسلام تلا هذه الآية : ( ففررتُ منكم لمّا خفتكم ) » (٢).
وهي ما رواه أبو بصير عن الإمام الصادق عليهالسلام وغيره ، قال : « صاحب هذا الأمر تعمى ولادته على الخلق ؛ لئلا يكون في عنقه بيعة إذا خرج » (٣).
ففي هذا الحديث الصريح بخفاء الولادة إشارة إلى أن المهدي عليهالسلام سوف لن يكون متعبداً بالتقيّة ، وإنّما الفرض عليه إقامة دولة الحق بالسيف ، في حين أن فرض الجهاد ، ومنابذة الاعداء والخروج بالسيف على الظالم ، والقيام بالحرب لم يكن فرض أكثر الأئمة الأطهار من آباء المهدي عليهالسلام ،
__________________
١ ـ سورة الشعراء : ٢٦ / ٢١.
٢ ـ كتاب الغيبة / النعماني : ١٧٤ / ١١ باب / ١٠.
٣ ـ اكمال الدين ٢ : ٤٧٩ ـ ٤٨٠ / ١ و ٥ باب ٤٤.