أراد عليهالسلام تحريك هذه العقيدة في وجدان الأمة على الدوام ، لما تمتلكه من فلسفة قادرة على خلق العمل الصالح وتهذيب النفوس بالورع ومحاسن الأخلاق ، مع التطلّع الجادّ إلى بناء المستقبل ، بما يناسب حجم اللقاء بالمهدي عليهالسلام في يومه الموعود. ولكي تدرك ـ مع هذا ـ منها ليست بانتظار فكرة طموحة قابلة للزوال ، وانّما هي بانتظار حقيقة من حقائق الإسلام الكبرى التي لابدّ وأن تقع في مستقبل تاريخه. وبهذا تستطيع أن تفهم من العقيدة بمهدي مجهول يخلقة الله في آخر الزمان عقيدة لا تثير اليقظة في العقول ، ولا تحرّك الوعي في الأحساس ولا تفتح القلوب ، شأنها شأن الأفكار الميتة التي قد تأخذ فراغاً في الفكر ، ولكنها لا تهب الحياة شيئاًً.
واذا كانت اساليب الكذب والافتراء أعجز من أن تقتل فكرة أو تخنق مبدأ ، وطرق الغشّ والتضليل أضعف من أن تحجب نور الحقيقة وتهمش دور العقيدة ، فان من الغباء اذن جعل العقيدة بالإمام المهدي عليهالسلام انهزاماً عن الواقع وانعزالاً عن الحياة ، او هروباً وانسحابًا عن مشاكل الأمة!! هذا في الوقت الذي يُسمع فيه نداء أهل البيت عليهمالسلام من عمق التاريخ الإسلامي بضرورة أن يكون انتظار الإمام المهدي عليهالسلام في غيبته محفّزاً إيجابياً ودافعاً قويا لتحقيق ما أراده الله ورسوله صلي الله عليه وآله في أن يكون بناء الحياة بشكل أفضل.
وهكذا عاشت عقيدتنا بالإمام المهدي عليهالسلام ولا زالت في قلب المعركة معركة الحق والباطل ، ولن يكون غريباً اذن أن يرى المتتبع لهذه العقيدة اتجاهات دخيلة عليها نمت ضمن نطاق اسلامي من طراز خاص يحتضن تلك الاتجاهات تارة ، ويغذّيها بتشجيع الزيف والخداع لأجل من يتبوّأ أنصاره مكاناً واسعاً خدمة لفكرة محرّفة وغاية مسمومة ، وبدعاية كذوب على أنها نتاج إسلامي موضوعي خالص تارة أخرى ؛ تبريراً لما بُعتقد من خرافات وأوهام ، ومن هنا صار دعمها طريقا منتجاً لإشاعتها ونشرها في الوسط الإسلامي حيث اتصالها بالحسّ الديني العميق ؛ وهكذا فقدت العقيدة بمهدي مجهول ـ كواحدة من تلك الخرفات ـ مبررات وجودها ؛ إذ لا انسجام لها مع الواقع ، ولا مع الحياة ، ولا مع المبادي الإسلامية في تلك العقيدة التي أفاض بها هذا الكتاب وحصرها بواحد من أهل البيت عليهمالسلام وهو ملاذ الفقهاء أُستاذ العلماء في عصره ، وامام الأُمّة في زمانه الصادق عليهالسلام.
وأخيراً فإْن هذا الكتاب الماثل بين يديك عزيزي القارئ إنما هو صفعة قوية بوجه أولئك الذين أنكروا ولادة الإمام المهدي عليهالسلام وكذبوا بغيبته ، ولبنة جديدة تُضاف إلى صرح الثقافة المهدوية الحقّة ، ودليل على الطريق.
والله الهادي إلى سواء السبيل
|
مركز الرسالة |