قوله : ( فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ ) قيل المراد صيانتهن عن مثل فعلهن ، فالإمساك كناية عنه ، والأكثر أنه على وجه الحد في الزنا ، وكان ذلك في أول الإسلام ثم نسخ بآية الجلد. قوله : ( أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً ) قيل السبيل النكاح المغني عن السفاح ، وهذا لا يتم على تقدير إرادة المحصنات ، وقيل السبيل الحكم الناسخ ، ولهذا
لَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ الْجَلْدِ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله : قَدْ جَعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً.
قوله تعالى : ( إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ) [ ٤ / ١٩ ] قيل معناه إلا أن يزنين فإنها تخرج ليقام عليها الحد ، وقيل إلا أن تظهر بأذى تؤذي به زوجها ، وقيل إلا أن يرتكبن الْفَاحِشَةَ بالخروج بغير إذن. وقد يراد بِالْفَاحِشَةِ النشوز وسوء العشرة. قوله : ( الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ ) [ ٥٣ / ٣٢ ] أراد بها الزنا والسرقة ، وباللمم الرجل يلم بالذنب فيستغفر منه ، ويتم البحث في لمم. قوله : ( إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ ) [ ٧ / ٣١ ] الْفَوَاحِشُ : المعاصي والقبائح ما ظهر منها وما بطن ، مثل قوله ( وَذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَباطِنَهُ ).
وَعَنِ الْبَاقِرِ عليه السلام « مَا ظَهَرَ هُوَ الزِّنَا وَمَا بَطَنَ هُوَ الْمُخَالَّةُ ».
وَعَنِ الْعَبْدِ الصَّالِحِ وَقَدْ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ « إِنَّ الْقُرْآنَ لَهُ ظَهْرٌ وَبَطْنٌ ، فَجَمِيعُ مَا حُرِّمَ فِي الْكِتَابِ هُوَ الظَّاهِرُ ، وَالْبَاطِنُ مِنْ ذَلِكَ أَئِمَّةُ الْجَوْرِ ، وَجَمِيعُ مَا أُحِلَّ فِي الْكِتَابِ هُوَ الظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ مِنْ ذَلِكَ أَئِمَّةُ الْحَقِّ » (١).
قوله : ( وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ ) [ ٢ / ٢٦٨ ] الْفَحْشَاءُ : الْفَاحِشَةُ وكل مستقبح من الفعل والقول ، ويقال ( يَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ ) أي البخل ، ويقال للبخل فَاحِشٌ وكل سوء جاوز حده فهو فاحش.
__________________
(١) البرهان ج ٢ ص ١٣.