أرجل وخرطوما وذنبا ولها مع هذه الأعضاء رجلان زائدتان وأربعة أجنحة ، وخرطوم الفيل مصمت وخرطومه مجوف ، فإذا طعن به جسد الإنسان استسقى الدم وقذف به إلى جوفه فهو له كالبلعوم والحلقوم قوله : ( فَما فَوْقَها ) قال الزمخشري : فيه معنيان « أحدهما » فما تجاوزها وزاد عليها في المعنى الذي ضربت فيه مثلا وهو القلة والحقارة. و « الثاني » فما زاد عليها في الحجم ، كأنه قصد بذلك رد ما استكبروه من ضرب المثل بالذباب والعنكبوت لأنهما أكبر من الْبَعُوضَةِ. ونقل القاضي بن خلكان عن بعض الفضلاء أن الزمخشري أوصى أن تكتب هذه الأبيات على قبره ، وقد ذكرها في تفسيره في تفسير سورة البقرة وهي :
يَا مَنْ يَرَى مَدَّ الْبَعُوضِ جَنَاحَهُ |
|
فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ الْبَهِيمِ الْأَلْيَلِ |
ويرى مناط عروقها في نحرها |
|
والمخ في تلك العظام النحل |
امنن علي بتوبة أمحو بها |
|
ما كان مني في الزمان الأول |
ومن بَعْضِ ما قيل :
لا تحقرن صغيرا في عداوته |
|
إن الْبَعُوضَةَ تدمي مقلة الأسد |
وبَعْضُ الشيء : طائفة منه. وبَعَّضَهُ تَبْعِيضاً : أي جزأه فَتَبَعَّضَ. وعن تغلب أجمع أهل النحو على أن الْبَعْضَ شيء من شيء أو أشياء ، وهذه تتناول ما فوق النصف كالثمانية ، فإنه يصدق عليها أنها من العشرة. وقال الأزهري : وأجاز النحويون إدخال الألف واللام على بَعْضٍ وكل إلا الأصمعي فإنه منع ذلك وقال : كل وبَعْضٌ معرفة فلا يدخلهما الألف واللام لأنهما في نية الإضافة ، ومن هنا قال أبو علي كل وبَعْضٌ معرفتان لأنهما في نية الإضافة ، وقد نصبت العرب عنها الحال فقالت « مررت بكل قائما » والباء لِلتَّبْعِيضِ. قال في المصباح : ومعناه أنها لا تقضي العموم ، فيكفي أن يقع ما يصدق عليه أنه بَعْضٌ ، واستدلوا عليه بقوله تعالى : ( وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ ) وقالوا الباء هنا لِلتَّبْعِيضِ على رأي الكوفيين.