[ ٨ / ١١ ] قيل هي الجنابة ، وقيل العذاب ، وقيل وسوسته ،
فَإِنَّهُ لَمَّا نَزَلَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى كَثِيبٍ لَمْ تَرْسَخْ فِيهِ أَقْدَامُهُمْ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ فَاحْتَلَمَ أَكْثَرُهُمْ وَالْمُشْرِكُونَ سَبَقُوهُمْ إِلَى الْمَاءِ ، فَتَمَثَّلَ لَهُمْ إِبْلِيسُ وَقَالَ : تُصَلُّونَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ وَعَلَى جَنَابَةٍ وَقَدْ عَطِشْتُمْ ، وَلَوْ كُنْتُمْ عَلَى الْحَقِّ لَمَا غَلَبَكُمْ هَؤُلَاءِ عَلَى الْمَاءِ ، فَحَزِنُوا شَدِيداً فَمُطِرُوا لَيْلاً حَتَّى جَرَى الْوَادِي وَتَلَبَّدَ الرَّمْلُ حَتَّى ثَبَتَتْ عَلَيْهِ الْأَقْدَامُ وَطَابَتِ النُّفُوسُ (١).
قال بعض الأفاضل : فعلى القول الأول فيه دلالة على نجاسة المني ، ولذلك قرئ رِجْسَ وهو مرادف للنجاسة. قوله : ( رِجْزاً مِنَ السَّماءِ ) [ ٢ / ٥٩ ] يعني العذاب. والرَّجَزُ بفتح المهملة : بحر من البحور ، ونوع من أنواع الشعر يكون كل مصراع منه منفردا ، وتسمى قصائده أَرَاجِيزَ جمع أُرْجُوزَة كهيئة السجع إلا أنه وزن الشعر ، ويسمى قائله رَاجِزاً.
وَفِي الْخَبَرِ « مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ فَهُوَ رَاجِزٌ ».
سماه به لأن الرَّجَزَ أخف على اللسان من القصيدة.
وَ « الْمُرْتَجِزُ » عَلَى بِنَاءِ اسْمُ الْفَاعِلِ اسْمُ فَرَسٍ كَانَ لِرَسُولِ اللهِ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنَ الْأَعْرَابِيِّ وَشَهِدَ لَهُ خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ.
( رزز )
« الرِّزُّ » بالكسر الصوت الخفي ، تقول سمعت رِزَّ الرعد وغيره. والرِّزُّ : وجع في البطن ، ومنه الْحَدِيثُ « لَا تَقْطَعِ الصَّلَاةَ الرُّعَافُ وَرِزٌّ فِي الْبَطْنِ ».
ومنه حَدِيثُ عَلِيٍّ عليه السلام « مَنْ وَجَدَ فِي بَطْنِهِ رِزّاً فَلْيَنْصَرِفْ وَلْيَتَوَضَّأْ ».
كأنه يريد القرقرة أو غمز الحدث وحركته للخروج ، وأمره بالوضوء لئلا يدافع أحد الأخبثين وإلا فليس
بواجب ما لم يحدث. ورَزَزْتُ الشيءَ في الأرض رَزّاً : أي أثبته فيها. ومنه الْحَدِيثُ « جَعَلَ الْجِبَالَ لِلْأَرْضِ
__________________
(١) انْظُرْ تفاصيل الْقِصَّةَ فِي مَجْمَعِ الْبَيَانِ ج ٢ ص ٥٢٦.