بالتكذيب والاستهزاء بها والطعن فيها. وقال تعالى : ( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ) [ ٤ / ١٤٠ ] أي يأخذوا في حديث ، يقال خاض الناس في الحديث وتخاوضوا : أي تفاوضوا فيه ، وفيها دلالة على تحريم مجالسة الكفار عند كفرهم بآيات الله واستهزائهم بها ، وعلى إباحة مجالستهم عند خوضهم في حديث غيره. وروي أن هذا منسوخ بقوله تعالى : ( فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ). قال الشيخ أبو علي : وفي الآية دلالة على وجوب
إنكار المنكر مع القدرة على ذلك وزوال العذر ، وإن من ترك ذلك مع القدرة عليه فهو مخطىء آثم ، وفيها أيضا دلالة على تحريم مجالسة الفساق والمبتدعين من أي جنس كانوا ، وبه قال جماعة من المفسرين. قال : ومن ذلك إذا تكلم الرجل في مجلس يكذب ليضحك منه جلساؤه فيسخط الله عليهم. قال :
وَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا عليه السلام فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ : « إِذَا سَمِعْتَ الرَّجُلَ يَجْحَدُ الْحَقَّ وَيُكَذِّبُ بِهِ وَيَقَعُ فِي أَهْلِهِ فَقُمْ مِنْ عِنْدِهِ وَلَا تُقَاعِدْهُ » (١).
قال : وفي الآية أيضا دلالة على بطلان القول ببقاء الإعراض ، وقولهم ليس هاهنا غير الأجسام لأنه قال : ( حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ) فأثبت غيرا لما كانوا فيه وذلك هو العرض.
وَفِي حَدِيثِ الْوُضُوءِ « يَخُوضُ الرَّجُلُ بِرِجْلَيْهِ الْمَاءَ خَوْضاً ».
أي يدخلهما في الماء ماشيا ، يقال خُضْتُ الماء أَخُوضُهُ خَوْضاً وخِيَاضاً : مشيت فيه. ومنه « الْمَخَاضَةُ » بالفتح وهو موضع خَوْضِ الماء وما جاز الناس فيها مشاة وركبانا وجمعها الْمَخَاضُ والْمَخَاوِضُ أيضا. وخُضْتُ الغمرات : اقتحمتها.
__________________
(١) البرهان ج ١ ص ٤٢٣.