يمينا وشمالا ، والمراد به العلم الذي فُرِضَ على العبد معرفته في أبواب المعارف ، وتحقيقه هو : أن مراتب العلم الشرعي ثلاثة : فَرْضُ عين ، وفَرْضُ كفاية ، وسُنَّةٌ.
فالأول ما لا يتأدى الواجب إلا به ، وعليه حمل « طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ » ، وهو يرجع إلى اعتقاد وفعل وتركه ، فالأول اعتقاد كلمتي الشهادة ، وما يجب لله ويمتنع ، والإذعان بالإمامة للإمام ، والتصديق بما جاء به النبي صلى الله عليه وآله من أحوال الدنيا والآخرة مما ثبت عنه بالتواتر ، كل ذلك بدليل تسكن النفس إليه ويحصل به الجزم ، وما زاد على ذلك من أدلة المتكلمين فهو فَرْضُ كفاية. وأما الفعل فتعلم واجب الصلاة وأمثالها. وأما الترك فيدخل في بعض ما ذكر.
وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ « فَإِنَّهَا فَرِيضَةٌ وَاجِبَةٌ » قال بعض الأعلام : أراد بكون الزكاة فريضة واجبة كونها سهما مقتطعا من المال وجوبا ، وإلا لما كان لتخصيصها من بين سائر الْفَرَائِضِ معنى.
والفرق بين الْفَرِيضَةِ والواجب هو أن الْفَرِيضَةَ أخص من الواجب لأنها الواجب الشرعي ، والواجب إذا كان مطلقا يجوز حمله على العقلي والشرعي.
والْفَرِيضَةُ فعيلة بمعنى مفعولة ، والجمع فَرَائِضُ قيل اشتقاقها من الْفَرْضِ الذي هو التقدير ، لأن الْفَرَائِضَ مقدرات ، وقيل هي من فَرْضِ القوس وهو الجزء الذي يقع فيه الوتر.
والْفَرْضُ : الْمَفْرُوضُ ، وجمعه فُرُوضٌ مثل فلس وفلوس.
وَفِي الْحَدِيثِ « السُّجُودُ عَلَى الْأَرْضِ فَرِيضَةٌ وَعَلَى غَيْرِ الْأَرْضِ سُنَّةٌ » (١) ولعل المراد كَالْفَرِيضَةِ لشدة الاستحباب بخلاف السجود على غيرها.
وَقَوْلُهُ عليه السلام « فَرَضَ اللهُ عَلَى النِّسَاءِ أَنْ يَبْدَأْنَ بِبَاطِنِ أَذْرُعِهِنَّ » (٢) أراد بِالْفَرْضِ هنا التقدير على الظاهر لا الوجوب
__________________
(١) في الكافي ج ٣ ص ٣٣١ : السجود على الأرض فريضة وعلى الخمرة سنة.
(٢) من لا يحضر ج ١ ص ٣٠.