أبطلها ولم يؤجر عليها. قال بعض المحققين : استحقاق الثواب مشروط بالموافاة لقوله تعالى : ( لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَ عَمَلُكَ ) [ ٣٩ / ٦٥ ] ولقوله تعالى : ( وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ ) الآية ، وقوله تعالى : ( فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ ) فمن كان من أهل الموافاة ولم يلبس إيمانه بظلم كان ممن يستحق الثواب الدائم مطلقا ، ومن كان من أهل الكفر ومات على ذلك استحق العقاب الدائم مطلقا ، ومن كان ممن خلط ( عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً ) فإن وافى بالتوبة استحق الثواب مطلقا ، وإن لم يواف بها فإما أن يستحق ثواب إيمانه أو لا ، والثاني باطل لقوله تعالى ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ) فتعين الأول ، فإما أن يثاب ثم يعاقب وهو باطل بالإجماع ، لأن من يدخل الجنة لا يخرج منها ، فحينئذ يلزم بطلان العقاب أو يعاقب ثم يثاب وهو المطلوب ، وَلِقَوْلِهِ عليه السلام فِي حَقِّ هَؤُلَاءِ « يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ كَالْحُمَمِ أَوْ كَالْفَحْمِ فَيَرَاهُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ فَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ الْجَهَنَّمِيُّونَ فَيُؤْمَرُ بِهِمْ فَيُغْمَسُونَ فِي عَيْنِ الْحَيَوَانِ فَيَخْرُجُونَ وَاحِدُهُمْ كَالْبَدْرِ لَيْلَةَ تَمَامِهِ ».
وبما قررناه يتبين أن الإِحْبَاطَ والموازنة باطلان ، وذلك أن الوعيدية ـ وهم الذين لا يجوزون العفو عن الكبيرة ـ اختلفوا على قولين : « أحدهما » ـ قول أبي علي ، وهو أن الاستحقاق الزائد يسقط الناقص ويبقى بكماله ، كما لو كان أحد الاستحقاقين خمسة والآخر عشرة ، فإن الخمسة تسقط وتبقى العشرة ، ويسمى الإِحْبَاطَ. و « ثانيهما » ـ قول أبي هاشم ابنه ، وهو أن يسقط من الزائد ما قابل الناقص ويبقى الباقي ، ففي المثال المذكور يسقط خمسة ويبقى خمسة ويسمى بالموازنة. وقد أبطلهما المحققون من المتكلمين بأن ذلك موقوف على بيان وجود الإضافات في الخارج كالأخوة والبنوة وعدمها ، فقال المتكلمون بالعدم لأنها لو كانت موجودة في الخارج ـ مع أنها عرض